كانوا مجوزين لحصول العذاب وخائفين منه. والقول الثاني: أن المراد منه المؤمنون لأنهم هم الذين يقرون بصحة الحشر والنشر والبعث والقيامة فهم الذين يخافون من عذاب ذلك اليوم. والقول الثالث: أنه يتناول الكل لأن لا عاقل إلا وهو يخاف الحشر، سواء قطع بحصوله أو كان شاكا فيه لأنه بالاتفاق غير معلوم البطلان بالضرورة فكان هذا الخوف قائما في حق الكل ولأنه عليه السلام كان مبعوثا إلى الكل، وكان مأمورا بالتبليغ إلى الكل، وخص في هذه الآية الذين يخافون الحشر، لأن انتفاعهم بذلك الانذار أكمل، بسبب أن خوفهم يحملهم على إعداد الزاد ليوم المعاد. المسألة الثانية: المجسمة تمسكوا بقوله تعالى: * (أن يحشروا إلى ربهم) * وهذا يقتضي كون الله تعالى مختصا بمكان وجهة لأن كلمة (إلى) لانتهاء الغاية. والجواب: المراد إلى المكان الذي جعله ربهم لاجتماعهم وللقضاء عليهم. المسألة الثالثة: قوله * (ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع) * قال الزجاج: موضع * (ليس) * نصب على الحال كأنه قيل: متخلين من ولي ولا شفيع، والعامل فيه يخافون. ثم ههنا بحث: وذلك لأنه إن كان المراد من * (الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم) * الكفار، فالكلام ظاهر، لأنهم ليس لهم عند الله شفعاء، وذلك لأن اليهود والنصارى كانوا يقولون: * (نحن أبناء الله وأحباؤه) * (المائدة: 18) والله كذبهم فيه وذكر أيضا في آية أخرى فقال * (ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع) * (غافر: 18) وقال أيضا * (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) * (المدثر: 48) وإن كان المراد المسلمين، فنقول: قوله * (ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع) * لا ينافي مذهبنا في إثبات الشفاعة للمؤمنين لأن شفاعة الملائكة والرسل للمؤمنين، إنما تكون بإذن الله تعالى لقوله * (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) * (البقرة: 255) فلما كانت تلك الشفاعة بإذن الله، كانت في الحقيقة من الله تعالى. المسألة الرابعة: قوله * (لعلهم يتقون) * قال ابن عباس: معناه وأنذرهم لكي يخافوا في الدنيا وينتهوا عن الكفر والمعاصي. قالت المعتزلة: وهذا يدل على أنه تعالى أراد من الكفار التقوى والطاعة، والكلام على هذا النوع من الاستدلال قد سبق مرارا.
قوله تعالى * (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ما عليك من