معارض بما أنه خص الذين كذبوا بآيات الله بهذا الوعيد وهذا يدل على أن من لم يكن مكذبا بآيات الله أن يلحقه الوعيد أصلا. وأيضا فهذا يقتضي كون هذا الوعيد معللا بفسقهم فلم قلتم أن فسق من عرف الله وأقر بالتوحيد والنبوة والمعاد، مساو لفسق من أنكر هذه الأشياء؟ والله أعلم.
قوله تعالى * (قل لا أقول لكم عندى خزآئن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إنى ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلى قل هل يستوى الاعمى والبصير أفلا تتفكرون) *.
في الآية مسائل: المسألة الأولى: اعلم أن هذا من بقية الكلام على قوله * (لولا نزل عليه آية من ربه) * (الأنعام: 37) فقال الله تعالى قل لهؤلاء الأقوام، إنما بعثت مبشرا ومنذرا، وليس لي أن أتحكم على الله تعالى وأمره الله تعالى أن ينفي عن نفسه أمورا ثلاثة، أولها: قوله * (لا أقول لكم عندي خزائن الله) * فاعلم أن القوم كانوا يقولون له إن كنت رسولا من عند الله، فاطلب من الله حتى يوسع علينا منافع الدنيا وخيراتها، ويفتح علينا أبواب سعادتها. فقال تعالى قل لهم إني لا أقول لكم عندي خزائن الله، فهو تعالى يؤتي الملك من يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير لا بيدي والخزائن جمع خزانة، وهو اسم للمكان الذي يخزن فيه الشيء وخزن الشيء إحرازه، بحيث لا تناله الأيدي. وثانيها: قوله * (ولا أعلم الغيب) * ومعناه أن القوم كانوا يقولون له إن كنت رسولا من عند الله فلا بد وأن تخبرنا عما يقع في المستقبل من المصالح والمضار، حتى نستعد لتحصيل تلك المصالح، ولدفع تلك المضار. فقال تعالى: قل إني لا أعلم الغيب فكيف تطلبون مني هذه المطالب؟ والحاصل أنهم كانوا في المقام الأول يطلبون منه الأموال الكثيرة والخيرات الواسعة، وفي المقام الثاني كانوا يطلبون منه الاخبار عن الغيوب، ليتوسلوا بمعرفة تلك الغيوب إلى الفوز بالمنافع والاجتناب عن المضار والمفاسد. وثالثها: قوله * (ولا أقول لكم إني ملك) * ومعناه أن الوقم كانوا يقولون * (مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق) * (الفرقان: 7) ويتزوج ويخالط الناس. فقال تعالى: قل لهم إني لست من الملائكة. واعلم أن الناس اختلفوا في أنه ما الفائدة في ذكر نفي هذه الأحوال الثلاثة؟