باذني أي بفعلي ذلك عند دعائك، وعند قولك للميت أخرج بإذن الله من قبرك، وذكر الإذن في هذه الأفاعيل إنما هو على معنى إضافة حقيقة الفعل إلى الله تعالى كقوله * (وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله) * (آل عمران: 145) أي إلا بخلق الله الموت فيها. وسابعها: قوله تعالى: * (وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات) * وفيه مسألتان: المسألة الأولى: قوله * (إذ جئتهم بالبينات) * يحتمل أن يكون المراد منه هذه البينات التي تقدم ذكرها وعلى هذا التقدير فالألف وللأم للعهد. ويحتمل أن يكون المراد منه جنس البينات. المسألة الثانية: روي أنه عليه الصلاة والسلام لما أظهر هذه المعجزات العجيبة قصد اليهود قتله فخلصه الله تعالى منهم حيث رفعه إلى السماء. ثم قال تعالى: * (فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين) * وفيه مسألتان: المسألة الأولى: قرأ حمزة والكسائي * (ساحر) * بالألف وكذلك في يونس وهود والصف، وقرأ ابن عامر وعاصم في يونس بالألف فقط والباقون * (سحر) * فمن قرأ * (ساحر) * أشار إلى الرجل ومن قرأ * (سحر) * أشار به إلى ما جاء به. وكلاهما حسن لأن كل واحد منهما قد تقدم ذكره. قال الواحدي رحمه الله: والاختيار * (سحر) * لجواز وعوعه على الحدث والشخص، أما وقوعه على الحدث فظاهر وأما وقوعه على الشخص، فتقول: هذا سحر وتريد به ذو سحر كما قال تعالى: * (ولكن البر من آمن) * (البقرة: 177) أي ذا البر قال الشاعر: فإنما هي إقبال وإدبار المسألة الثانية: فإن قيل: إنه تعالى شرع ههنا في تعديد نعمه على عيسى عليه السلام وقول الكفار في حقه * (إن هذا إلا سحر مبين) * ليس من النعم، فكيف ذكره ههنا؟ والجواب: أن من الأمثال المشهورة - أن كل ذي نعمة محسود - وطعن الكفار في عيسى عليه
(١٢٧)