إقامة الصلاة هو ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فكان احتراز الحالف عن الكذب في ذلك الوقت أتم وأكمل، والله أعلم.
(المسألة الثالثة) قال الشافعي رحمه الله: الايمان تغلظ في الدماء والطلاق والعتاق، والمال إذا بلغ مائتي درهم في الزمان والمكان، فيحلف بعد العصر بمكة بين الركن والمقام، وبالمدينة عند المنبر، وفى بيت المقدس عند الصخرة، وفى سائر البلدان في أشرف المساجد، وقال أبو حنيفة رحمه الله: يحلف من غير أن يختص الحلف بزمان أو مكان، وهذا على خلاف الآية، ولان المقصود منه التهويل والتعظيم، ولا شك أن الذي ذكره الشافعي رضي الله عنه أقوى.
ثم قال تعالى (فيقسمان بالله ان ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربا) وفيه مسائل:
(المسألة الأولى) الفاء في قوله (فيقسمان بالله) للجزاء يعنى: تحبسونهما فيقدمان لأجل ذلك الحبس على القسم (المسألة الثانية) قوله (انا ارتبتم) اعتراض بين القسم والمقسم عليه. والمعنى: ان ارتبتم في شأنهما واتهتموهما فحلفوهما، وبهذا يحتج من يقول الآية نازلة في اشهاد الكفار، لان تحليف الشاهد المسلم غير مشروع، ومن قال الآية نازلة في حق المسلم قال إنها منسوخة، وعن علي عليه السلام أنه كان يحلف الشاهد والراوي عند التهمة (المسألة الثالثة) قوله (لا نشتري به ثمنا) يعنى يقسمان بالله انا لا نبيع عهد الله بشئ من الدنيا قائلين لا نشتري به ثمنا، وهو كقوله (ان الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) أي لا نأخذ ولا نستبدل، ومن باع شيئا فقد اشترى ثمنه، وقوله (ولو كان ذا قربى) أي لا نبيع عهد الله بشئ من الدنيا، ولو كان ذلك الشئ حبوة ذي قربى أو نفسه، وخص ذا القربى بالذكر لان الميل إليهم أتم والمداهنة بسببهم أعظم، وهو كقوله (كونوا قوامين بالقسط شهداء الله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين ثم قال تعالى (ولا نكتم شهادة الله) وفيه مسألتان:
(الأولى) هذا عطف على قوله (لا نشتري به ثمنا) يعنى أنهما يقسمان حال ما يقولان لا نشتري به ثمنا ولا نكتم شهادة الله أي الشهادة التي أمر الله بحفظها واظهارها (المسألة الثانية) نقل عن الشعبي أنه وقف على قوله (شهادة) ثم ابتدأ الله بالمد على طرح حرف القسم وتعويض حرف الاستفهام منه، وروى عنه بغير مد على ما ذكره سيبويه ان منهم من يقول الله لقد كان كذا، والمعنى تالله