لما لم يضف ذلك إلى نفسه بل قال: * (وإذ قيل لهم) * لا جرم ذكر ذلك بجمع القلة، فالحاصل أنه لما ذكر الفاعل ذكر ما يليق بكرمه من غفران الخطايا الكثيرة (ة) وفي الأعراف لما لم يسم الفاعل لم يذكر اللفظ الدال على الكثرة.
السؤال الخامس: لم ذكر قوله: * (رغدا) * في البقرة وحذفه في الأعراف؟ الجواب عن هذا السؤال كالجواب في الخطايا والخطيئات لأنه لما أسند الفعل إلى نفسه لا جرم ذكر معه الإنعام الأعظم وهو أن يأكلوا رغدا، وفي الأعراف لما لم يسند الفعل إلى نفسه لم يذكر الإنعام الأعظم فيه.
السؤال السادس: لم ذكر في البقرة: * (وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة) * وفي الأعراف قدم المؤخر؟ الجواب: الواو للجمع المطلق وأيضا فالمخاطبون بقوله: * (ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة) *، يحتمل أن يقال: إن بعضهم كانوا مذنبين والبعض الآخر ما كانوا مذنبين، فالمذنب لا بد أن يكون اشتغاله بحط الذنوب مقدما على الاشتغال بالعبادة لأن التوبة عن الذنب مقدمة على الاشتغال بالعبادات المستقبلة لا محالة، فلا جرم كان تكليف هؤلاء أن يقولوا أولا " حطة " ثم يدخلوا الباب سجدا، وأما الذي لا يكون مذنبا فالأولى به أن يشتغل أولا بالعبادة ثم يذكر التوبة، ثانيا: على سبيل هضم النفس وإزالة العجب في فعل تلك العبادة فهؤلاء يجب أن يدخلوا الباب سجدا أولا ثم يقولوا حطة ثانيا، فلما احتمل كون أولئك المخاطبين منقسمين إلى هذين القسمين لا جرم ذكر الله تعالى حكم كل واحد منهما في سورة أخرى.
السؤال السابع: لم قال: * (وسنزيد المحسنين) * في البقرة مع الواو وفي الأعراف: * (سنزيد المحسنين) * من غير الواو؟ الجواب: أما في الأعراف فذكر فيه أمرين: أحدهما: قول الحطة وهو إشارة إلى التوبة، وثانيها: دخول الباب سجدا وهو إشارة إلى العبادة، ثم ذكر جزأين: أحدهما: قوله تعالى: * (نغفر لكم خطاياكم) * وهو واقع في مقابلة قول الحطة. والآخر: قوله: * (سنزيد المحسنين) * وهو واقع في مقابلة دخول الباب سجدا فترك الواو يفيد توزع كل واحد من الجزأين على كل واحد من الشرطين. وأما في سورة البقرة فيفيد كون مجموع المغفرة والزيادة جزاء واحدا لمجموع الفعلين أعني دخول الباب وقول الحطة.
السؤال الثامن: قال الله تعالى في سورة البقرة: * (فبدل الذين ظلموا قولا) * وفي الأعراف: * (فبدل الذين ظلموا منهم قولا) * فما الفائدة في زيادة كلمة " منهم " في الأعراف؟ الجواب: سبب زيادة هذه اللفظة في سورة الأعراف أن أول القصة ههنا مبني على التخصيص بلفظ " من " لأنه تعالى قال: * (ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) * (الأعراف: 159) فذكر أن منهم من يفعل ذلك ثم عدد صنوف إنعامه عليهم وأوامره لهم، فلما انتهت القصة قال الله تعالى: * (فبدل الذين ظلموا منهم) * فذكر لفظة: * (منهم) * في آخر القصة كما ذكرها في أول القصة ليكون آخر الكلام مطابقا لأوله فيكون الظالمون من قوم موسى بإزاء الهادين منهم فهناك ذكر أمة عادلة، وههنا ذكر