الحرمان من التوفيق يعتبر - بحد ذاته - نوعا من العقاب، أي أن الذنوب المتتالية والعناد والإصرار على الذنب، جزاؤهما الحرمان من الأحكام العادلة، والتورط بالضلال والحيرة متاهات الحياة.
وتشير الآية في النهاية إلى أن إصرار هؤلاء القوم من أهل الكتاب على باطلهم يجب أن لا يكون باعثا للقلق عند النبي، لأن الكثير من الناس منحرفون عن طريق الحق، أي أنهم فاسقون، حيث تقول الآية: وإن كثيرا من الناس لفاسقون.
سؤال:
يمكن أن يعترض البعض بأن هذه الآية توحي باحتمال صدور الانحراف عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، والعياذ بالله، وأن الله يحذره من ذلك، فهل أن هذا الأمر يتلائم ومنزلة العصمة التي يتمتع بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟
الجواب:
إن العصمة لا تعني مطلقا استحالة صدور الخطأ من المعصوم، ولو كان كذلك لما بقيت لهم مكرمة أو فضل، ومعنى العصمة هو أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) مع وجود احتمال صدور الذنب أو الخطأ منهم إلا أنهم لا يرتكبون الذنب أبدا وإن كان عدم ارتكاب الذنب من قبل المعصوم ناشئ عن التنبيه والتحذير والتذكير الإلهي للمعصوم، أي أن التنبيه الإلهي يعتبر جزءا من عامل العصمة لدى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والذي يحول دون ارتكاب الخطأ، وسنبادر إلى توضيح موضوع العصمة لدي الأنبياء - بتفصيل أكثر - عند تفسير آية التطهير (الآية 33 من سورة الأحزاب بإذن الله).
أما الآية الأخرى فتساءلت بصيغة استفهام استنكاري: هل أن هؤلاء الذين يدعون أنهم اتباع الكتب السماوية يتوقعون أن تحكم بينهم (الخطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)) بأحكام الجاهلية التي فيها أنواع التمايز المقيت؟ حيث تقول الآية: