ثم لكي تبين أن هذه الأدلة والبراهين كافية لإظهار الحقيقة لأنها منطقية، تقول: فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها، أي أن إبصارهم يعود بالنفع عليهم وعماهم يسبب الإضرار بهم.
وفي نهاية الآية تقول، على لسان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): وما أنا عليكم بحفيظ.
للمفسرين احتمالان في تفسير هذا المقطع من الآية:
الأول: إني لست أنا المسؤول عن مراقبتكم والمحافظة عليكم وملاحظة أعمالكم، فالله هو الذي يحافظ على الجميع، وهو الذي يعاقب ويثيب الجميع، أن واجبي لا يتعدى إبلاغ الرسالة وبذل الجهد لهداية الناس.
والآخر: أنا غير مأمور لأحملكم بالجبر والإكراه على قبول الإيمان، إنما واجبي هو أن أدعوكم إلى ذلك بتبيان الحقائق بالمنطق والحجة وأنتم الذين تتخذون قراركم النهائي.
وليس ما يمنع من انطواء العبارة على كلا المعنيين.
الآية التالية تؤكد أن إتخاذ القرار النهائي في اختيار طريق الحق أو الباطل إنما يرجع للناس أنفسهم، وتقول: وكذلك نصرف الآيات (1) أي كذلك نبين الأدلة والبراهين بصور وأشكال متنوعة.
لكن جمعا عارضوا، وقالوا - دونما دليل وبرهان - إنك تلقيت هذا من الآخرين (أي اليهود والنصارى): وليقولوا درست (2).
إلا أن جمعا آخر ممن لهم الاستعداد لتقبل الحق لما لهم من بصيرة وفهم وعلم، يرون وجه الحقيقة ويقبلونها: ولنبينه لقوم يعلمون.
إن اتهام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنه اقتبس تعاليمه من اليهود والنصارى قد تكرر