أحاديث كانت قد جرت قبل نزول هذه السورة بين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والمشركين وبعض هذه الآيات تشير إلى تلك الأحاديث، لذلك ليس ثمة ما يمنع أن تكون أحاديث من هذا القبيل أيضا قد جرت بين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والمشركين، فيشير القرآن في هذه الآيات إلى أحاديثهم ويرد عليهم.
* * * على كل حال، الهدف من نزول هذه الآيات هو إثبات التوحيد ومحاربة الشرك وعبادة الأصنام فالمشركون، وإن اعتقدوا أن الله هو خالق العالم، كانوا يتخذون من الأصنام ملجأ لأنفسهم، ولربما اتخذوا صنما لكل حاجة معينة، فلهم إله للمطر، وإله للظلام، وإله للحرب والسلم، وإله للرزق، وهذا هو تعدد الأرباب الذي ساد اليونان القديم.
ولكي يزيل القرآن هذا التفكير الخاطئ، يأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن قل أغير الله اتخذ وليا فاطر السماوات والأرض وهو يطعم ولا يطعم.
فإذا كان هو خالق عالم الوجود كله دون الاستناد إلى قدرة أخرى، وهو الذي يرزق مخلوقاته، فما الذي يدعو الإنسان إلى أن يتخذ من دونه وليا وربا؟
وإن كل الأشياء غيره مخلوقات وهي بحاجة إليه في كل لحظات وجودها، فكيف يمكن لها أن تقضي حاجة الآخرين؟
هذه الآية تستعمل كلمة " فاطر " في حديثها عن خالق السماوات والأرض، وأصل " الفطر " و " الفطور " هو الشق، يروى عن ابن عباس أنه قال: ما عرفت معنى فاطر السماوات والأرض إلا عندما رأيت أعرابيين يتنازعان على بئر قال أحدهما: " أنا فطرتها " أي أنا أحدثتها وأو جدتها.
ولكننا اليوم أقدر من ابن عباس على معرفة معنى " فاطر " بالاستعانة بالعلوم