كفروا بالمعاد كليا، فقد كان بين مشركي العرب فريق لا يؤمنون بالمعاد، وفريق آخر يؤمنون بنوع من المعاد.
الآية التالية تشير إلى مصيرهم يوم القيامة، يوم يقفون بين يدي الله: ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق، فيكون جوابهم أنهم يقسمون بأنه الحق: قالوا بلى وربنا.
عندئذ: قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون لا شك أن " الوقوف بين يدي الله " لا يعني إن لله مكانا، بل يعني الوقوف في ميدان الحساب للجزاء، كما يقول بعض المفسرين، أو أنه من باب المجاز، مثل قول الإنسان عند أداء الصلاة أنه يقف بين يدي الله وفي حضرته.
الآية التي بعدها فيها، إشارة إلى خسران الذين ينكرون المعاد، فتقول: قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله، إن المقصود بلقاء الله هو - كما قلنا من قبل - اللقاء المعنوي والإيمان الشهودي (الشهود الباطني)، أو هو لقاء مشاهد يوم القيامة والحساب والجزاء.
ثم تبين الآية أن هذا الإنكار لن يدوم، بل سيستمر حتى قيام يوم القيامة، حين يرون أنفسهم فجأة أمام مشاهده الرهيبة، ويشهدون بأعينهم نتائج أعمالهم، عندئذ ترتفع أصواتهم بالندم على ما قصروا في حق هذا اليوم: حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها.
و " الساعة " هي يوم القيامة، و " بغتة " تعني فجأة وعلى حين غرة، إذ تقوم القيامة دون أن يعلم بموعدها أحد سوى الله تعالى، وسبب إطلاق " الساعة " على يوم القيامة إما لأن حساب الناس يجري سريعا فيها، أو للإشارة إلى فجائية حدوث ذلك، حيث ينتقل الناس بسرعة خاطفة من عالم البرزخ إلى عالم القيامة.
و " التحسر " هو التأسف على شئ، غير أن العرب عند تأثرهم الشديد يخاطبون " الحسرة " فيقولون: " يا حسرتنا "، فكأنهم يجسدونها أمامهم ويخاطبونها.