ثم لما لم يكن لأي حكم أثر رجعي يعود إلى الماضي، فيقول: عفا الله عما سلف.
أما من لم يعتن بهذه التحذيرات المتكررة ولم يلتفت إلى أحكام الكفارة وكرر مخالفاته لحكم الصيد وهو محرم فإن الله سوف ينتقم منه في الوقت المناسب: ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام.
ثمة نقاش بين المفسرين عما إذا كانت كفارة صيد المحرم تتكرر بتكرره، أو لا، ظاهر الآية يدل على أن التكرار يستوجب انتقام الله، فلو استلزم تكرار الكفارة لوجب أن لا يكتفي بذكر الانتقام الإلهي، وللزم ذكر تكرار الكفارة صراحة، وهذا ما جاء في الروايات التي وصلتنا عن أهل البيت (عليهم السلام).
بعد ذلك يتناول الكلام صيد البحر: أحل لكم صيد البحر وطعامه.
لكن ما المقصود من الطعام؟ فإن بعض المفسرين يرون أنه ذلك النوع من السمك الذي يموت بدون صيد ويطفو على سطح الماء، مع أننا نعلم أن هذا الكلام ليس صحيحا، لأن السمك الميت بهذا الشكل حرام مع أن بعض الروايات التي يرويها أهل السنة تدل على حليته.
إن ما يستفاد من التعمق في ظهور الآية هو أن القصد من الطعام ما يهيأ للأكل من سمك الصيد إذ أن الآية تريد أن تحلل أمرين، الأول هو الصيد، والثاني هو الطعام المتخذ من هذا الصيد.
وبهذه المناسبة، ثمة فتوى معروفة بين فقهائنا تعتمد مفهوم هذا التعبير، وذلك فيما يتعلق بصيد البر، فإن هذا الصيد ليس وحده حراما، بل أن طعامه حرام أيضا.
ثم تشير الآية إلى الحكمة في هذا الحكم وتقول: متاعا لكم وللسيارة، أي لكيلا تعانوا المشقة في طعامكم وأنتم محرومون، فلكم أن تستفيدوا من نوع واحد من الصيد، ذلكم هو صيد البحر.