مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه....
فالقرآن بالإضافة إلى تصديقه الكتب السماوية السابقة، اشتمل - أيضا - على دلائل تتطابق مع ما ورد في تلك الكتب، فكان بذلك حافظا وصائنا لها.
إن الكتب السماوية جاءت كلها متناسقة في المبادئ والهدف الواحد الذي تبنى تربية الإنسان والسمو به إلى مراتب الكمال المعنوي والمادي، على الرغم من الفوارق الموجودة بين هذه الكتب والتي تنبع من مقتضى التكامل التدريجي للإنسان، حيث أن كل شرعة جديدة ترتقي بالإنسان إلى مرحلة أسمى من مراحل الرقي والكمال الإنساني، وتشتمل على خطط وبرامج أكثر شمولا وتطورا، والإتيان بعبارة: مهيمنا عليه بعد جملة مصدقا لما بين يديه يدل على هذه الحقيقة، أي أن القرآن في الوقت الذي يصدق الكتب السابقة، يأتي في نفس الوقت ببرامج وخطط أكثر شمولا للحياة.
ثم تؤكد على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انطلاقا من الحقيقة المذكورة - ضرورة الحكم بتعاليم وقوانين القرآن بين الناس، حيث تقول فاحكم بينهم بما أنزل الله....
وقد اقترنت هذه الجملة بالفاء التفريعية، فتدل على شمولية أحكام الإسلام بالنسبة لأحكام الشرائع السماوية الأخرى، ولا تعارض هنا بين هذا الأمر وبين ما سبق من أمر في أية سابقة والتي خيرت النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بين الحكم بين اليهود أو تركهم لحالهم، لأن هذه الآية ترشد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - إن هو أراد أن يحكم بين أهل الكتاب - إلى أن عليه أن يحكم بتعاليم وقوانين القرآن بينهم.
ثم تؤكد عليه أن يبتعد عن أهواء وميول أهل الكتاب، الذين يريدون أن يطوعوا الأحكام الإلهية لميولهم ورغباتهم، وأن ينفذ ما نزل عليه بالحق، حيث تقول الآية: ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق....
ولأجل اكمال البحث تشير الآية إلى أن كل ملة قد أفردت لها شرعة ونظام