والصغار بدل العظمة وهذه يعني أنه لم يصل إلى هدفه فحسب، بل بات على العكس من ذلك.
ونحن نقرأ في نهج البلاغة " الخطبة القاصعة " في كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) عند ذمه للتكبر والعجب ما يلي: " فاعتبروا بما فعل الله بإبليس إذ أحبط عمله الطويل، وجهده الجهيد، وكان قد عبد الله ستة آلاف سنة... عن كبر ساعة واحدة، فمن ذا بعد إبليس يسلم على الله بمثل معصيته؟ كلا، ما كان الله سبحانه ليدخل الجنة بشرا بأمر أخرج به منها ملكا، إن حكمه في أهل السماء وأهل الأرض الواحد " (1).
وقد جاء أيضا عن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) أنه قال: " إن للمعاصي شعبا، فأول ما عصي الله به الكبر، وهي معصية إبليس حين أبى واستكبر وكان من الكافرين، والحرص وهي معصية آدم وحواء... ثم الحسد وهي معصية ابن آدم حيث حسد أخاه فقتله " (2).
وكذا نقل عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: " أصول الكفر ثلاثة: الحرص والاستكبار والحسد، فأما الحرص فإن آدم حين نهي عن الشجرة حمله الحرص على أن أكل منها، وأما الاستكبار فإبليس حيث أمر بالسجود لآدم فأبى، وأما الحسد فأبناء آدم حيث قتل أحدهما صاحبه " (3).
ولكن قصة الشيطان لم تنته إلى هذا الحد، فهو عندما عرف بأنه صار مطرودا من حضرة ذي الجلال زاد من طغيانه ولجاجته، وبدل أن يتوب ويثوب إلى الله ويعترف بخطئه فإن الشئ الوحيد الذي طلبه من الله تعالى هو أن يمهله ويؤجل موته إلى يوم القيامة: قال انظرني إلى يوم يبعثون.
ولقد استجاب الله لهذا الطلب، ف قال إنك من المنظرين.