صالحا، أو تلميذا صالحا، أو صديقا طيبا أو جارا وفيا له، أو كان عالما خدوما للمجتمع، أو مؤمنا مخلصا، أو يمتلك أدنى حد من الصلاح في حياته، يوجب جلب أنظار الآخرين، ويسبب في أن يعملوا أعمالا صالحة ويهدونها إليه.
وعلى هذا فذلك العمل - في الحقيقة - إنما يكون نتيجة لذلك الامتياز، ونتيجة للصفة الحسنة المذكورة، وللنقطة المضيئة في شخصيته وحياته، ولهذا يكون قيام الآخرين بالأعمال الصالحة له إنما هو أشعة من ضوء علمه الطيب أو نيته الصالحة، ونتيجة لتلك الخصلة الحسنة التي يتصف بها.
2 - المثوبات التي يعطيها الله تعالى للإشخاص على نوعين: مثوبات تتناسب مع وضع تكاملهم الروحي وصلاحيتهم، يعني أن أرواحهم ونفوسهم قد تسمو بسبب قيامهم بالأعمال الصالحة سموا كبيرا، وترتقي في سلم الكمال رقيا عظيما إلى درجة يصلحون للعيش في عوالم أعلى وأفضل، ويرتفعون بما صنعوه على أجنحة العقيدة والعمل الصالح.
ولكن حيث أن أي عمل صالح هو إطاعة لأمر الله سبحانه، ويستحق المطيع لإطاعته أجرا ومثوبة، فإنه يمكنه أن يهدي ذلك الثواب والأجر إلى غيره بإرادته ورغبته، تماما، مثل أستاذ متخصص في شعبة مهمة من العلوم يدرس في جامعة من الجامعات، فإنه لا ريب في أنه يصل بتدريسه إلى نتيجتين:
فهو من جهة يصل - في ضوء تدريسه - إلى درجات علمية أكمل وأقوى، وهو في نفس الوقت يحصل على أموال لقاء خدمته، ولا ريب في أنه لا يستطيع أن يهدي النتيجة الأولى لأحد لأنها خاصة به، ولكنه يمكنه أن يقدم (أو يهدي) النتيجة الثانية إلى من يرغب ويحب.
إن إهداء (ثواب) الأعمال الصالحة من جانب العاملين بها إلى الأموات، بل وإلى الأحياء أحيانا، إنما هو من هذا النمط ومن هذا القبيل.
وبهذا يرتفع وينتفي أي إبهام يحوم حول هذه الأحاديث.