كافرين.
الآية التالية تعيد المضمون السابق بصورة قانون عام وسنة ثابتة، وهي: أن الله لا يأخذ الناس في المدن والمناطق المسكونة بظلمهم إذا كانوا غافلين، إلا بعد أن يرسل إليهم الرسل لينبهوهم إلى قبيح أعمالهم، ويحذروهم من مغبة أفعالهم:
ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون.
قد تعني " بظلم " أن الله لا يعاقب أحدا بسبب ظلمه وهو غافل عنه، وقبل أن يرسل الرسل، وقد تكون بمعنى أن الله لا يظلم أحدا بأن يعاقبه عما فعل وهو غافل، لأن معاقبتهم بهذه الصورة تعتبر ظلما، والله أرفع من أن يظلم أحدا (1).
وتذكر الآية الثالثة خلاصة ما ينتظر هؤلاء من مصير وتقرر أن لكل من هؤلاء - الأخيار والأشرار، المطيعين والعصاة، طالبي العدالة والظالمين - درجات ومراتب يوم القيامة تبعا لأعمالهم، وإن ربك لا يغفل عن أعمالهم، بل يعلمها جميعا، ويجزي كلا بقدر ما يستحق: ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون.
هذه الآية تؤكد مرة أخرى الحقيقة القائلة بأن جميع " الدرجات " و " الدركات " التي يستحقها الإنسان إنما هي وليدة أعماله، لا غير.
* * *