بالخرافة، أمة ذات شخصية قوية، وذات إرادة صلبة، وإيمان فاعل، وقد كان هذا البناء العقائدي القوي الذي تم على يد رسول الإسلام في هدي القرآن في مكة، هو السبب في تقدم الإسلام المطرد في المدينة.
إن آيات السور المكية كذلك تتناسب جميعها مع هذا الهدف الخاص.
أما الفترة المدينة، فقد كانت فترة تشكيل وتأسيس الحكومة الإسلامية، فترة الجهاد في مقابل الأعداء، فترة تأسيس وبناء مجتمع سليم على أساس القيم الإنسانية، والعدالة الاجتماعية.
ولهذا تهتم السور المدنية في كثير من آياتها بتفاصيل القضايا الحقوقية، والأخلاقية والاقتصادية، والجزائية، وغير ذلك من الحاجات الفردية والاجتماعية.
وإذا أراد المسلمون اليوم أن يستعيدوا عظمتهم الغابرة، ومجدهم القديم، وجب عليهم أن ينفذوا هذا البرنامج بالذات، وأن يطووا هاتين الفترتين بصورة كاملة، فإنه ما لم تتوطد الأسس العقائدية، وما لم يتم بناؤها بشكل محكم لم تحظ اللبنات الفوقية والبناء الحضاري للمجتمع بالمتانة والقوة اللازمة.
وعلى كل حال فحيث أن سورة الأعراف من السور المكية، لذلك تجلت فيها جميع خصائص السورة المكية ولهذا نرى:
كيف أنها أشارت في البدء إلى مسألة " المبدأ والمعاد ".
ثم بهدف إحياء شخصية الإنسان شرحت - باهتمام وعناية كبيرة - قصة خلق آدم.
ثم عددت - بعد ذلك - المواثيق التي أخذها الله تعالى من أبناء آدم في مسير الهداية والصلاح، واحدا واحدا.
ثم للتدليل على هزيمة وخسران الجماعات التي تحيد عن سبيل التوحيد والعدالة والتقوى. وكذا للتدليل على نجاح المؤمنين الصادقين وانتصارهم،