ولنسألن المرسلين.
وعلى هذا الأساس فالجميع مسؤولون، قادة وأتباعا، رسلا ومرسلا إليهم، غاية ما في الأمر أنه يختلف السؤال والمسؤوليات من طائفة إلى أخرى.
وثمة حديث مروي عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذا الصعيد يؤيد هذا المعنى أيضا، إذا يقول: " فيقام الرسل فيسألون عن تأدية الرسالات التي حملوها إلى أممهم، فأخبروا أنهم قد أدوا ذلك إلى أممهم " (1).
هذا وقد صرح في حديث آخر في تفسير علي بن إبراهيم بهذا المعنى أيضا (2).
في الآية اللاحقة - ولكي لا يتصور أحد بأن سؤال الله للأنبياء يعني أن الأمر قد خفي على الله وغاب عن علمه قال تعالى بصراحة مزيجة بالقسم، بأننا سوف نشرح لهم كل أعمالهم بعلمنا، لأنه ما غاب عنا شئ من أفعالهم، وما غابوا هم عنا، فقد كنا معهم في كل حين ومكان: فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين.
" لنقصن " مأخوذة من " القصة " وهي في الأصل تعني ما يتلو بعضه بعضا، وحيث أن القضايا عند شرحها يتلو بعضها بعضا أطلق عليها لفظ القصة، وهكذا أطلق على العقوبة التي تتلو الجناية لفظ " القصاص "، ومنه " المقص " لأنه يقطع الشعر بالتوالي، ويقال عمن يبحث عن شئ أنه " قص " لأنه يبحث الحوادث واحدا بعد واحد.
وحيث إن في هذه الجملة أربعة أنواع من التأكيد (لام القسم، ونون التأكيد، وكلمة علم، التي جاءت بصورة النكرة، والمراد من ذلك بيان عظمته، وجملة ما كان غائبين) لذلك يستفاد منها أن المقصود هو: أننا نشرح لهم تفاصيل أعمالهم جميعها القذة بالقذة وتباعا، ليعلموا أنه لا يخفى عنا شئ من نية أو عمل قط (3).