يستفاد من عبارة (وسوس له) نظرا إلى حرف اللام (التي تأتي في العادة للفائدة والنفع) أن الشيطان كان يتخذ صفة الناصح، والمحب لآدم، في حين أن (وسوس إليه) لا ينطوي على هذا المعنى، بل يعني فقط مجرد النفوذ والتسلل الخفي إلى قلب أحد.
وعلى كل حال يجب أن لا يتصور أن الوساوس الشيطانية مهما بغلت من القوة تسلب الإرادة والاختيار من الإنسان، بل يمكن للإنسان - رغم ذلك - وبقوة العقل والإيمان أن يقف في وجه تلك الوساوس ويقاومها.
وبعبارة أخرى: إن الوساوس الشيطانية لا تجبر الإنسان على المعصية، بل قوة الإرادة وحالة الاختيار باقية حتى مع الوساوس، وإن مقاومتها تحتاج إلى الاستقامة والصمود الأكثر وربما إلى تحمل الألم والعذاب وكذلك فإن الوساوس الشيطانية لا تسلب المسؤولية عن أحد ولا تجرده عنها، كما نلاحظ ذلك في آدم.
ولهذا نرى أنه رغم جميع العوامل التي حفت بآدم، ودعته إلى مخالفة أمر الله ونهيه، وشجعته عليها، والتي أقامها الشيطان في طريقه، فإن الله سبحانه اعتبره مسؤولا عن عمله، ولهذا عاقبه على النحو الذي سيأتي بيانه.
3 2 - ماذا كانت الشجرة الممنوعة؟
جاءت الإشارة إلى الشجرة الممنوعة في ست مواضع من القرآن الكريم، من دون أن يجري حديث عن طبيعة أو كيفية أو اسم هذه الشجرة، وأنها ماذا كانت؟ وماذا كان ثمرها؟ بيد أنه ورد في المصادر الإسلامية تفسيران لها، أحدهما " مادي " وهو أنها كانت " الحنطة " (1) كما هو المعروف في الروايات.
ويجب الانتباه إلى نقطة، وهي أن العرب تطلق لفظة " الشجرة " حتى على