شرح ذلك في تفسير الآية 143 من سورة الأعراف إن شاء الله).
ومن العجيب أن كثيرا من أهل السنة يعتقدون أن الله سيرى يوم القيامة، ويعبر صاحب تفسير المنار عن ذلك بقوله: هذا من مذاهب أهل السنة والعلم بالحديث. (1).
والأعجب من ذلك أن بعض المحققين المعاصرين الواعين يميلون - أيضا - إلى هذا الاتجاه ويصرون عليه!
أما الواقع فإن بطلان هذه الفكرة إلى درجة من الوضوح بحيث لا يستوجب نقاشا، لأن الأمر لا يختلف بين الدنيا والآخرة (إذا قلنا بالمعاد الجسماني)، إن الله فوق المادة، ولا يتبدل يوم القيامة إلى وجود مادي، ولا يخرج من لا محدوديته ليصبح محدودا، ولا يتحول في ذلك اليوم إلى جسم أو إلى كيفية من كيفيات الجسم! وهل الأدلة العقلية على عدم إمكان رؤية الله في الدنيا هي غيرها في الآخرة "؟ أم هل يتغير حكم العقل بهذا الشأن يومذاك؟!
ولا يمكن تبرير هذه الفكرة بأن من المحتمل أن يصبح للإنسان في الآخرة نوع آخر من الرؤية والإدراك، لأن هذه الرؤية والإدراك إذا كانت في الآخرة فكرية وعقلانية، فإننا في هذه الدنيا أيضا نشاهد الله وجماله بعين القلب وقوة العقل، أما إذا كانت الرؤية هي نفسها التي نرى بها الأجسام، فإن رؤية الله بهذا المعنى مستحيلة في هذه الدنيا وفي الآخرة على السواء.
وبناء على ذلك فإن القول بأن الإنسان لا يرى الله في هذه الدنيا، ولكن المؤمنين يرونه يوم القيامة غير منطقي وغير مقبول.
إن ما حمل هؤلاء على الذهاب إلى هذا المذهب والدفاع عنه هو وجود أحاديث في كتبهم المعروفة تقول بإمكان رؤية الله يوم القيامة، ولكن أليس من الأفضل أن نقول ببطلان هذا الرأي بالدليل العقلي، ونحكم باختلاق أمثال هذه