2 التفسير تكرر هذه الآية تأكيد الباري عز وجل على نبيه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في أن يحكم بين أهل الكتاب طبقا لأحكام الله، وأن لا يستسلم لأهواءهم ونزواتهم، فتقول:
وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم....
والتكرار للأمر هنا إما أن يكون بسبب المواضيع التي اشتملت عليها الآية، وإما لأن موضوع الحكم في هذه الآية يختلف عن موضوع الحكم في الآيات السابقة، حيث كان موضوع الحكم في الآيات السابقة هو الزنا مع المحصنة، وموضوع الحكم في هذه الآية هو القتل أو شئ آخر.
ثم تحذر الآية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من مؤامرة هؤلاء الذين أرادوا عدول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن شرعة الحق والعدل، وطالبته بأن يراقب تحركاتهم، حيث تقول: واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك....
وأكدت هذه الآية استمرارا لخطابها لنبي الإسلام محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أن هؤلاء الكتابيين إن لم يذعنوا لحكمه العادل فإن ذلك يكون دلالة على أن ذنوبهم وآثامهم قد طوقتهم فحرمتهم من التوفيق، وأن الله يريد أن يعاقبهم ويعذبهم بسبب بعض ذنوبهم، حيث تقول الآية: فإن تولوا فاعلم إنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم....
وسبب ذكر " بعض الذنوب " لا كلها، قد يكون لأن عقاب كل الذنوب لا يتم في الحياة الدنيا بل يذوق وبال بعضها، والباقي منها يوكل أمرها إلى العالم الثاني، أي بعد الموت.
ولم تصرح هذه الآية بنوع الذنوب التي طوقت وأحاطت بهؤلاء، ويحتمل أن تكون إشارة إلى المصير الذي أحاط بيهود المدينة، بسبب الخيانات المتوالية التي مارسوها، مما اضطرهم إلى ترك بيوتهم ومغادرة المدينة المنورة، أو أن يكون فشل هؤلاء وحرمانهم من التوفيق نوعا من العقاب لهم على ذنوبهم السابقة، لأن