لم يعملوا عملا صالحا، لم ينفعهم في ذلك اليوم أن يعملوا عملا صالحا، لأن أوضاعا كتلك تسلب من الإنسان القدرة على ارتكاب الذنب، وتقوده نحو العمل الصالح بصورة جبرية لا مفر منها، فلا يكون لمثل هذا العمل أية قيمة ذاتية.
ثم إنه في المقطع الأخير من الآية يوجه تهديدا شديدا إلى هؤلاء الأشخاص المعاندين، إذ يقول بنبرة شديدة: قل انتظروا إنا منتظرون.
3 لا فائدة للإيمان بدون عمل:
إن من النقاط الهامة التي نستفيدها من الآية الحاضرة هو أن الآية تعتبر طريق النجاة منحصرة في الإيمان، ذلك الإيمان الذي يكتسب المرء فيه خيرا ويعمل في ظله عملا صالحا.
ويمكن أن ينطرح هذا السؤال وهو: هل الإيمان وحده غير كاف ولو خلي من جميع الأعمال الصالحة؟
ونجيب: صحيح أن المؤمن يمكن أن يزل أحيانا ويرتكب بعض الذنوب المعاصي ثم يندم على فعله ويعمد إلى إصلاح نفسه، ولكن من لم يعمل أي عمل صالح طوال حياته، ولم يستغل الفرص الكثيرة والكافية لذلك، بل على العكس من ذلك صدر منه كل قبيح ووقعت منه كل معصية، واقترف كل إثم، فإنه يبدو من المستبعد جدا أن يكون من أهل النجاة، ومن الذين ينفعهم إيمانهم، لأنه لا يمكن أن نصدق بأن شخصا ينتمي إلى دين من الأديان، ولكنه لا يعمل بأي شئ من تعاليم ذلك الدين ولا مرة واحدة في حياته، بل كان يرتكب خلافها دائما، إذ إن حالته وموقفه هذا دليل قاطع وبين على عدم إيمانه، وعدم اعتقاده.
وعلى هذا الأساس يجب أن يقترن الإيمان ولو بالحد الأدنى من العمل الصالح، ليدل ذلك على وجود الإيمان.
* * *