المسلمين فتقع القدرة بأيديهم، حيث يندم هؤلاء على ما أضمروه في أنفسهم، كما تقول الآية: فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين.
ويشتمل هذا الجواب القرآني - في الحقيقة على جانبين:
أولهما: أن أفكارا كهذه إنما تخرج من قلوب مريضة لأفراد تزلزل ايمانهم وأصبحوا يسيئون الظن بالله، ولو لم يكونوا كذلك لما سمحوا لهذه الأفكار بأن تداخل نفوسهم.
أما الجانب الثاني في هذا الجواب فهو مواجهتهم بنفس الحجة التي أوردوها لتعللهم ذلك، إذ أن احتمالهم لوقوع السلطة بيد اليهود والنصارى يقابله - بالضرورة - احتمال آخر وهو انتصار المسلمين واستلامهم لمقاليد الأمور، وبهذا لا يكون هناك أي مجال لتشبث هؤلاء بحلفهم مع أولئك أو الاعتماد عليهم.
وعلى أساس هذا التفسير فإن كلمة (عسى) التي لها مفهوم الاحتمال والأمل، تبقى في هذه الآية محتفظة بمعناها الأصلي لكن بعض المفسرين قالوا بأنها تعني هنا الوعد الجازم من قبل الله للمسلمين، وهذا ما لا يتلائم وظاهر كلمة (عسى) البتة.
أما المراد من جملة أو أمر من عنده التي جاءت بعد كلمة (الفتح) في هذه الآية فيحتمل أنها تعني أن المسلمين - في المستقبل - إما أن يتغلبوا وينتصروا على أعدائهم عن طريق الحرب أو بدونها كأن تتوسع قدرتهم إلى درجة يضطر بعدها الأعداء إلى الخضوع والاستسلام للمسلمين دون الحاجة إلى الدخول في حرب.
وبتعبير آخر: كلمة (الفتح) تشير إلى الانتصار العسكري للمسلمين، وأن جملة أمر من عنده إشارة إلى الانتصارات الاجتماعية والاقتصادية وما شابه ذلك.