وأظهر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خشيته على عبادة وعبد الله من صداقة اليهود مشيرا إلى أن خطر صداقة اليهود على عبد الله أكبر من خطرها على عبادة بن صامت، فقال عبد الله بأنه ما دام الأمر كذلك فإنه سيتخلى عن صداقته وعهده مع اليهود، فنزلت الآيات الأخيرة وهي تحذر المسلمين من التحالف مع اليهود والنصارى.
2 التفسير لقد حذرت الآيات الثلاث الأخيرة المسلمين - بشدة - من الدخول في أحلاف مع اليهود والنصارى، فالآية الأولى منها تمنع المسلمين من التحالف مع اليهود والنصارى أو الاعتماد عليهم (أي أن الإيمان بالله يوجب عدم التحالف مع هؤلاء إن كان ذلك لأغراض ومصالح مادية) حيث تقول الآية: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء....
وكلمة " أولياء " صيغة جمع من " ولي " وهي مشتقة من مصدر " الولاية " وهي بمعنى التقارب الوثيق بين شيئين، وقد وردت بمعنى " الصداقة " و " التحالف " و " الإشراف ".
لكن بالنظر إلى سبب النزول والقرائن الأخرى الموجودة، فإن المراد ليس منع المسلمين من إقامة أي علاقات تجارية واجتماعية مع اليهود والنصارى، بل المقصود هو منع المسلمين من التحالف مع هؤلاء أو الاعتماد عليهم في مواجهة الأعداء.
وكانت قضية التحالف رائجة في ذلك العصر بين العرب، وكان يطلق على ذلك " الولاء ".
والملفت للنظر في هذه الآية أنها لم تعتمد تسمية " أهل الكتاب " لدى تحدثها عن اتباع الديانتين السماويتين المعروفتين، بل استخدمت كلمتي " اليهود والنصارى " وربما يكون هذا إشارة إلى أن اليهود والنصارى لو كانوا يعملون