فيكون مفهوم الآية الشريفة أن الأكثرية لا يمكن أن تكون وحدها الدليل على طريق الحق، ومن هذا نستنتج أنه يجب التوجه إلى الله وحده لمعرفة طريق الحق، حتى لو كان السائرون في هذا الطريق قلة في العدد.
والدليل على ذلك يرد في الآية التالية التي تؤكد على أن الله عليم بكل شئ ولا مكان للخطأ في علمه، فهو أعرف بطريق الهداية، كما هو أعرف بالضالين وبالسائرين على طريق الهداية: إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين (1).
هنا يبرز سؤال: يفهم من الآية أن الله سبحانه أعلم بطريق الهداية، فهل هناك من يعلم طريق الهداية بدون هدى الله حتى كون الله هو الأعلم؟!
والجواب: إن الإنسان قادر - بلا شك - أن يتوصل بعقله إلى بعض الحقائق، ويدرك طريق الهداية والضلالة إلى حد ما، غير أن مديات ضوء العقل لها حدود، وقد يظل بعض الحقائق خارج نطاق تلك الحدود، ثم إن معلومات الإنسان قد يعتورها الخطأ، فيكون لذلك بحاجة إلى مرشدين وهداة إلهيين، لذلك فتعبير " الله أعلم " صحيح، وإن يكن قياسا مع الفارق.
3 لا أهمية للكثرة العددية:
على العكس مما يظنه بعضهم بأن الكثرة العددية توافق الصواب دائما فإن القرآن ينفي هذا في كثير من آياته، ولا يقيم للكثرة " العددية " أي وزن، بل يرى - في الحقيقة - إن الكثرة " الكيفية " هي المقياس، لا الكثرة " الكمية " على الرغم من أن المجتمعات المعاصرة لم تجد لإدارة الحياة الاجتماعية طريقا سوى