" النفق " في الأصل " النقب " وهو الطريق النافذ، والسرب في الأرض النافذ فيها، ومنه النفاق، وهو الدخول في الشرع من باب والخروج عنه من باب، أي أن للمنافق سلوكا ظاهرا وآخر خفيا.
في هذه الآية يخبر الله نبيه بأن ليس في تعليماتك ودعوتك وسعيك أي نقص، بل النقص فيهم لأنهم هم الذين رفضوا قبول الحق، لذلك فان أي مسعى من جانبك لن يكون له أثر فلا تقلق.
ولكن لكيلا يظن أحد أن الله غير قادر على حملهم على التسليم يقول:
ولو شاء الله لجمعهم على الهدى أي لو أراد حملهم على الاستسلام والرضوخ لدعوتك والإيمان بالله لكان على ذلك قديرا.
غير أن الإيمان الإجباري لا طائل تحته، إن خلق البشر للتكامل مبني على أساس حرية الاختيار والإرادة، ففي حالة حرية الاختيار وحدها يمكن تمييز " المؤمن " من " الكافر "، و " الصالح " من " غير الصالح " و " المخلص " من " الخائن " و " الصادق " من " الكاذب ". أما في الإيمان الإجباري فلن يكن ثمة اختلاف بين الطيب والخبيث، وعلى صعيد الإجبار تفقد كل هذه المفاهيم معانيها تماما.
ثم يقول سبحانه لنبيه: فلا تكونن من الجاهلين، أي لقد قلت هذا لئلا تكون من الجاهلين، أي لا تفقد صبرك ولا تجزع، ولا يأخذك القلق بسبب كفرهم وشركهم.
وما من شك أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يعلم هذه الحقائق ولكن الله ذكرها له من باب التطمين وتهدئة الروع، تماما كالذي نقوله نحن لمن فقد ابنه: لا تحزن فالدنيا فانية، سنموت جميعا، وأنت ما تزال شابا ولسوف ترزق بابن آخر، فلا تجزع كثيرا.
فلا ريب أن فناء دار الدنيا، أو كون المصاب شابا ليسا مجهولين عنده،