ولكن العجيب أن بعض المفسرين يشكون في نزول المائدة، ويقولون: أن الحواريين حين عرفوا عظم المسؤولية التي سوف تقع عليهم بعد نزول المائدة، تخلوا عن طلبهم، ولكن الواقع أن المائدة قد نزلت فعلا.
5 - ما العيد؟
" العيد " في اللغة من " العود " أي الرجوع، لذلك فذكرى الأيام التي تنداح فيها المشاكل عن قوم أو مجتمع وتعود أيام الفوز والهناء الأول تكون عيدا. كذلك هي الأعياد الإسلامية فبعد شهر من طاعة الله في صوم رمضان، أو بعد أداء فريضة الحج العظيمة، يعود إلى النفس طهرها وصفاؤها الأولين الفطريين، ويزول التلوث عن الفطرة، فيكون العيد، ولما كان يوم نزول المائدة يوم العودة إلى الفوز والطهارة والإيمان بالله، فقد سماه المسيح (عليه السلام) عيدا.
وقد ورد في الأخبار أن نزول المائدة كان في يوم الأحد، ولعل هذا هو سبب الاحترام الذي يكنه المسيحيون لهذا اليوم.
إننا نقرأ لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) قوله: " وكل يوم لا يعصى الله فيه فهو يوم عيد " (1).
وفي هذا إشارة إلى الموضوع نفسه، لأن يوم ترك المعصية هو يوم فوز وطهارة وعودة إلى الفطرة الأولى.
6 - لماذا العقاب الشديد؟
هنا أمر مهم ينبغي ألا نغفل عنه، وذلك أنه عندما يبلغ الإيمان مرحلة الشهود وعين اليقين أي عندما ترى الحقيقة رأي العين، ولا يبقى مكان لأي شك أو تردد، فإن مسؤولية المرء تزداد وتثقل، لأن هذا المرء لم يعد ذلك الذي كانت تنتابه الوساوس والشكوك من قبل، بل هو امرؤ ورد مرحلة جديدة من الإيمان وتحمل المسؤولية، فأقل تقصير أو غفلة من جانبه يستدعي العقاب الشديد، ولهذا فإن مسؤولية الأنبياء وأولياء الله أشد وأثقل، بحيث أنهم كانوا في خشية دائمة منها،