أهناك شهادة أعظم من شهادة رب العالمين؟ قل الله شهيد بيني وبينكم وهل هناك دليل أكبر من هذا القرآن؟: وأوحي إلي هذا القرآن، هذا القرآن الذي لا يمكن أن يكون وليد فكر بشري، خاصة في تلك الظروف الزمانية والمكانية، هذا القرآن الذي يضم مختلف الشواهد على إعجازه، فألفاظه معجزة، ومعانيه معجزة، أليس هذا الشاهد الكبير وحده كاف لأن يكون تصديقا إلهيا للدعوة!!.
يستفاد من هذه العبارة أيضا أن القرآن أعظم معجزة وأكبر شاهد على صدق دعوة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
ثم يشير إلى هدف نزول القرآن ويقول: لأنذركم به ومن بلغ أي أن القرآن قد نزل علي لكي أنذركم، وأنذر جميع الذين يصل إليهم - عبر تاريخ البشر، وعلى امتداد الزمان وفي أرجاء العالم كافة - كلامي، وأحذرهم من عواقب عصيانهم.
يلاحظ هنا أن الكلام مقتصر على الإنذار مع أن خطابات القرآن تجمع غالبا بين الإنذار والبشرى، والسبب في ذلك يعود إلى أن الكلام موجه هنا إلى أفراد معاندين مصرين على المكابرة، ولا يمكن أن نتصور في الواقع عبارة أوجز وأشمل لبيان المقصود من هذه العبارة، وما فيها من دقة وسعة يزيل كل إيهام في عدم اختصاص دعوة القرآن بالعرب أو بزمان أو مكان معينين.
بعض العلماء استدلوا بهذا التعبير وأمثاله على ختم النبوة برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهذه الجملة تعني أن الرسول قد بعث إلى جميع الذين تصلهم دعوته، وهذا يشمل جميع الذين يردون الحياة حتى نهاية العالم.
وتفيد الأحاديث الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) أن مفهوم إبلاغ القرآن لا يعني مجرد وصول نصوصه إلى الأقوام الأخرى فحسب، بل أن المفهوم يشمل وصول ترجماته بمختلف اللغات إلى تلك الأقوام.