بدلا من ذلك إلى العبادة، فأقسم أمير المؤمنين (عليه السلام) أن ينام من الليل أقله ويصرفه في العبادة، وأقسم بلال أن يصوم أيامه كلها، وأقسم عثمان بن مظعون أن يترك إتيان زوجته وأن ينقطع إلى العبادة.
جاءت زوجة عثمان بن مظعون - وكانت امرأة جميلة - يوما إلى عائشة فعجبت عائشة من حالها فقالت: ما لي أراك متعطلة؟
فقالت: لمن أتزين؟ فوالله ما قاربني زوجي منذ كذا وكذا فإنه قد ترهب ولبس المسوح وزهد في الدنيا، فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فجاء إليهم وأخبرهم أن ذاك خلاف سنته وقال: " فمن رغب عن سنتي فليس مني " ثم جمع الناس وخطبهم وقال:
" ما بال أقوام حرموا النساء والطعام والطيب والنوم وشهوات الدنيا، أما إني لست آمركم أن تكونوا قسيسين ورهبانا، فإنه ليس في ديني ترك اللحم ولا النساء ولا إتخاذ الصوامع، وإن سياحة أمتي الصوم ورهبانيتهم الجهاد، اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وحجوا واعتمروا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وصوموا رمضان، واستقيموا يستقم لكم، فإنما هلك من كان قبلكم بالتشديد، شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم... ".
فقام الذين كانوا قد أقسموا على ترك تلك الأمور وقالوا: يا رسول الله، لقد أقسمنا على ذلك، فماذا نفعل؟ فنزلت الآيات المذكورة جوابا لهم (1).
لابد من القول بأن قسم البعض مثل قسم عثمان بن مظعون لم يكن مشروعا لما فيه من غمط لحقوق زوجته، ولكن فيما يتعلق بقسم الإمام علي (عليه السلام) بإحياء الليل بالعبادة، فإنه كان أمرا مباحا، ولكن المستفاد من الآيات هو أن الأولى أن لا يكون ذلك بصورة مستمرة ودائمة، ولا يتعارض مع عصمة علي (عليه السلام)، لأننا نقرأ بما يشبه ذلك بالنسبة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الآية الأولى من سورة التحريم: يا أيها