مشاهدات عينية تقتلع من أعماق قلبه جذور تلك الشكوك والوساوس، ولهذا نرى إبراهيم (عليه السلام)، على ما كان عليه من مقام ويقين يسأل الله أن يرى المعاد رأي العين لكي يتبدل إيمانه العلمي إلى " عين اليقين " وإلى " شهود ".
ولكن أسلوب طلب الحواريين تميز بشئ من الفضاضة لذلك ظن عيسى (عليه السلام) أنهم بصدد البحث عن الأعذار والحجج، فاعترضهم وبعد أن شرحوا له حقيقة موقفهم وافق على طلبهم.
2 - ما المقصود بعبارة هل يستطيع ربك؟
لا شك أن ظاهر هذا الكلام يوحي بأن الحواريين كانوا يشكون في قدرة الله على إنزال مائدة، إلا أن المفسرين المسلمين لهم آراء أخرى في تفسيرها، منها أن هذا الطلب وقع في بداية أمرهم وقبل أن يتعرفوا على جميع صفات الله.
ورأي آخر يقول: إن سؤالهم يعني: هل يرى الله أن من المصلحة أن ينزل عليهم مائدة من السماء؟ كأن يقول شخص: لا أستطيع أن أعهد إلى فلان بكل ثروتي، ولا يعني أنه ليس بقادر على ذلك، بل يعني أنه لا يرى مصلحة في الأمر.
ورأي ثالث يقول: أن " يستطيع " تعني " يستجيب " لأن مادة (طوع) تعني الانقياد، فإذا وردت من باب (الاستفعال) فيمكن أن تفيد المعنى نفسه، فيكون المعنى: هل يستجيب الله لطلبنا بشأن إنزال مائدة من السماء؟
3 - ما هي تلك المائدة السماوية؟
لم يذكر القرآن شيئا عن محتوياتها، ولكن يستفاد من بعض الأحاديث، وخاصة الحديث المروي عن الإمام الباقر (عليه السلام)، أن تلك المائدة كانت تحوي أرغفة من الخبز ومقدارا من السمك، ولعل سبب طلب هذه المعجزة كان ما سمعوه عن المائدة السماوية التي نزلت على بني إسرائيل باعجاز من موسى (عليه السلام) فطلبوا هم أيضا من عيسى (عليه السلام) مثل ذلك.
4 - هل نزلت عليهم مائدة؟
رغم أن الآيات المذكورة تكاد تصرح بنزول المائدة، فالله لا يخلف وعده،