لهم منطقيا أنهم لا يستطيعون إنكار ذلك كليا بالنظر لنزول التوراة على موسى، وأن المشركين - وإن لم يدينوا بدين اليهود - كانوا يعتبرون الأنبياء السابقين وإبراهيم - وموسى أيضا على أقوى احتمال - أنبياء في عصورهم وأقاليمهم، لذلك فهم عند ظهور نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) لجأوا إلى أهل الكتاب يبحثون عندهم في كتبهم عن إمارات ودلائل تتنبأ بظهور هذا النبي، فلو لم يكونوا يؤمنون بأن تلك الكتب نازلة من السماء، لما لجأوا إليها يطلبون ما طلبوا، لذلك فهم بعد أن سألوا اليهود، أظهروا ما كانت فيه مصلحتهم، وأخفوا ما عداه (كعلامات ظهور النبي الجديد المذكورة في تلك الكتب)، وعلى هذا يمكن تطبيق هذه الآية على أقوال مشركي مكة أيضا.
لكن التفسير الأول أقرب إلى سياق الآية وسبب النزول وما فيها من ضمائر.
ملاحظات:
هنا لابد من الإشارة إلى بضع نقاط:
1 - " قراطيس " جمع " قرطاس " من أصل يوناني حسب قول بعضهم، وهو " ما يكتب فيه " كما يقول " الراغب " في " مفرداته " وبناءا على ذلك فإن الورق العادي وجلود الحيوانات والأشجار وأمثالها التي كانت تستخدم في الكتابة قديما، تنضوي تحت هذه الكلمة.
2 - قد يسأل سائل: لماذا تذم الآية اليهود كتابتهم الوحي الإلهي على القراطيس، وهل في تلك ما يوجب الذم؟
وجوابا على ذلك نقول: إن الذم لم يكن لهذا السبب، إنما السبب هو أنهم كتبوه على قراطيس متفرقة بحيث يمكنهم أن يظهروا منه ما تقتضيه منافعهم، وأن يخفوا ما يؤدي إلى ضررهم.
3 - إن عبارة وما قدروا الله حق قدره في الواقع إشارة إلى أن من يعرف