للحياة يهديها إلى السبيل الواضح، حيث تقول: لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا....
وكلمة " شرع " أو " الشريعة " تعني الطريق الذي يؤدي إلى الماء وينتهي به، واطلاق كلمة " الشريعة " على الدين لأن الدين ينتهي بحقائق وتعاليم هدفها تطهير النفس الإنسانية وضمان الحياة السليمة للبشرية، أما كلمة " النهج " أو " المنهاج " فتطلقان على الطريق الواضح.
نقل (الراغب) في كتابه (المفردات) عن ابن عباس قوله بأن الفرق بين كلمتي " الشرعة " و " المنهاج " هو أن الأولى تطلق على كل ما ورد في القرآن، وأن المنهاج يطلق على ما ورد في سنة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) (وهذا الفرق مع كونه جميلا، إلا أننا لا نملك دليلا جازما لتأييده) (1).
ثم تبين الآية أن الله لو أراد أن يجعل من جميع أبناء البشر أمة واحدة، تتبع دينا وشرعة واحدة لقدر على ذلك، لكن هذا الأمر يتنافى مع قانون التكامل التدريجي، وحركة مراحل التربية المختلفة، فتقول: ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم....
وجملة ليبلوكم فيما آتاكم... إشارة إلى ما قلناه سابقا من أن الله قد أودع لدى أفراد البشر استعدادات وكفاءات تنمو في ظل الاختبارات وفي ضوء تعاليم الأنبياء، فعندما يطوي بنو الإنسان مرحلة معينة، يجعلهم الله في مرحلة أسمى وحين تنتهي مرحلة تربوية يأتي الله بمرحلة تربوية أخرى على يد نبي آخر، كما يحصل بالضبط للمراحل التعليمية التي يمر بها الشاب في مدرسته.