لجاهل، وهو فوض ومذموم في ميزان العقل.
تركيز القرآن في هذه الآية على كلمة " أكثر " يدل على أنه كانت في ذلك المحيط الجاهلي المظلم فئة - وإن قلت - على قدر من الفهم بحيث تنظر بعين الاحتقار والاشمئزاز إلى تلك الممارسات.
3 وثن اسمه " الأسلاف ":
من الأمور التي كانت سائدة في الجاهلية والتي تكررت الإشارة إليها في القرآن التفاخر بالآباء والأجداد وإجلالهم إلى حد التقديس الأعمى وإتباع أفكارهم وعاداتهم وتقاليدهم. وليس هذا مقصورا على الجاهلية الأولى، فهو موجود بين كثير من الأقوام المعاصرة، ولعله أحد أسباب إشاعة الخرافات وانتقالها من جيل إلى جيل، وكان " الموت " يضفي هالة من القدسية والاحترام والإجلال على الأسلاف.
لا شك أن روح الاعتراف بالجميل ورعاية المبادئ الإنسانية توجب علينا احترام الماضين من آبائنا وأجدادنا، ولكن لا أن نعتبرهم معصومين عن كل خطأ ومصونين عن كل نقد وتجريح لأفكارهم وسلوكهم فنتبع خرافاتهم ونقلدهم فيها تقليدا أعمى، ليس هذا في الواقع سوى لون من ألوان الوثنية والمنطق الجاهلي، إننا من الممكن أن نحترم أفكارهم وتقاليدهم المفيدة، ونحطم في الوقت نفسه عاداتهم غير الصحيحة، خاصة وأن الأجيال الحديثة أوسع علما وأعمق معرفة من الأجيال السابقة بسبب مضي الزمن وتقدم العلم والتجربة، وما من عقل رصين يجيز تقليد الماضين تقليدا أعمى.
ومن العجيب أن نرى بعض العلماء وأساتذة الجامعة يعيشون هذا اللون من التقديس الأعمى لعادات السلف، فيبلغ بهم التعصب القومي إلى التمسك بعادات وتقاليد ما أنزل الله بها من سلطان متبعين بذلك منطق العرب في جاهليتهم الأولى.