ومن ذلك العقل الذي يمنع من وقوع الأخطاء والمخالفات، وكذلك القضاء الصحيح يمنع من وقوع الظلم، والحكومة العادلة تقف بوجه الحكومات غير العادلة، فهي قد استعملت في المعاني الثلاثة.
قلنا من قبل إن جميع الأنبياء لم يكونوا يحظون بهذه الامتيازات كلها، وإسناد حكم إلى الجمع لا يعني شموله جميع أفراد ذلك الجمع، بل قد يكون لبعض أفراده، ومن ذلك مسألة إيتاء الكتاب لهؤلاء الأنبياء.
ثم يقول: لئن رفضت هذه الجماعة (أي المشركون وأهل مكة) تلك الحقائق، فإن دعوتك لن تبقى بغير استجابة، إذ إننا قد أمرنا جمعا آخر لا بقبولها فحسب، بل وبالحفاظ عليها فهم لا يسلكون طريق الكفر أبدا، بل يتبعون الحق:
فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا قوما ليسوا بها كافرين.
جاء في تفسير " المنار " وتفسير " روح المعاني " عن بعض المفسرين أن المقصود بالقوم هم الفرس، وقد أسرعوا في قبول الإسلام وجاهدوا في سبيل نشره، وظهر فيهم العلماء في شتى العلوم والفنون الإسلامية وألفوا الكثير من الكتب (1).
الآية الأخيرة تجعل من منهاج هؤلاء الأنبياء العظام قدوة رفيعة للهداية تعرض على رسول لاسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) فتقول له: أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده (2).
تؤكد هذه الآية مرة أخرى على أن أصول الدعوة التي قام بها الأنبياء