ومرة أخرى تؤكد الآية على أن الناس هم المسؤولون عن أعمالهم، وأن النبي مسؤول عن تبليغ الرسالة لا غير وما على الرسول إلا البلاغ وفي الوقت نفسه: والله يعلم ما تبدون وما تكتمون.
3 أهمية الكعبة:
إن " الكعبة " - التي ذكرت في هذه الآية وفي الآيات السابقة مرتين - من مادة " كعب " أي بروز خلف القدم، ثم أطلق على كل بروز، والمكعب كذلك لأنه بارز من جهاته الأربع، والكاعب (وجمعها كواعب) هي الأنثى التي برز صدرها.
والظاهر أن تسمية بيت الله بالكعبة يرجع أيضا، إلى ارتفاعه الظاهري وبروزه، كما هو رمز لارتفاع مقامه وعظمة مكانته.
إن للكعبة تاريخا عريقا حافلا بالحوادث والوقائع، وكل هذه الحوادث تنطلق من عظمتها ومكانتها المهمة.
أهمية الكعبة تبلغ حدا بحيث أن الأحاديث الإسلامية تعتبر هدمها في مصاف قتل النبي والإمام والنظر إليها عبادة، والطواف بها من أفضل الأعمال، وقد جاء في رواية عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: " لا ينبغي لأحد أن يرفع بناءه فوق الكعبة " (1).
طبيعي أن أهمية الكعبة واحترامها لم يأتيا من بنائها، فقد قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في الخطبة القاصعة: " ألا ترون أن الله، سبحانه، اختبر الأولين من لدن آدم صلوات الله عليه، إلى الآخرين من هذا العالم، بأحجار لا تضر ولا تنفع ولا تبصر ولا تسمع، فجعلها بيته الحرام (الذي جعله للناس قياما) ثم وضعه بأوعر بقاع الأرض حجرا، وأقل نتائق الدنيا مدرا... " (2).
أهمية مكانة الكعبة عند الله تعود إلى أنها أقدم مراكز العبادة والتوحيد، ونقطة تجتذب إليها أنظار الشعوب والأقوام المختلفة.
* * *