أفحكم الجاهلية يبغون....
لكن أهل الإيمان لا يرون أي حكم أرفع وأفضل من حكم الله، حيث تتابع الآية قولها: ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون.
ولقد بينا - عند تفسير الآيات السابقة - أن نوعا من التمايز الغريب كان يسود الأوساط اليهودية بحيث لو أن فردا من يهود بني قريظة قتل فردا من يهود بني النضير لتعرض للقصاص، بينما لو حصل العكس لم يكن ليطبق حكم القصاص في القاتل، وقد شمل هذا التمايز المقيت - أيضا - حكم الغرامة والدية عند هؤلاء، فكانوا يأخذون ضعف الدية من جماعة، ولا يأخذونها من جماعة أخرى، أو يأخذون أقل من الحد المقرر، ولذلك استنكر القرآن هذا النوع من التمايز واعتبره من أحكام الجاهلية، في حين أن الأحكام الإلهية تشمل البشر أجمعين وتطبق دون أي تمايز.
وجاء في كتاب " الكافي " عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه قال:
" الحكم حكمان: حكم الله، وحكم الجاهلية، فمن أخطأ حكم الله حكم بحكم الجاهلية " (1).
وهكذا يتضح أن أي مسلم يتبع الأحكام الوضعية ولا يلتزم بالأحكام والقوانين الإلهية السماوية إنما يسير في الحقيقة في طريق الجاهلية.
* * *