الاستثمار النافع، ثم أن هذه الحيوانات، بسبب هذا الاحترام والتكريم، كانت تعاني من العذاب والجوع والعطش لأنه قلما يقدم أحد على تغذيتها والعناية بها.
ولما كانت هذه الحيوانات كبيرة في السن عادة، فقد كانت تقضي بقية أيامها في كثير من الحرمان والحاجة حتى تموت ميتة محزنة، ولهذا كله وقف الإسلام بوجه هذه العادة!
إضافة إلى ذلك، يستفاد من بعض الروايات والتفاسير أنهم كانوا يتقربون بذلك كله، أو بقسم منه إلى أصنامهم، فكانوا في الواقع ينذرون تلك الحيوانات لتلك الأصنام، ولذلك كان إلغاء هذه العادات تأكيدا لمحاربة كل مخلفات الشرك.
والعجيب في الأمر، أنهم كانوا يأكلون لحوم تلك الحيوانات إذا ما ماتت موتا طبيعيا (وكأنهم يتبركون بها) وكان هذا عملا قبيحا آخر (1).
ثم تقول الآية: ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب قائلين أن هذه قوانين إلهية دون أن يفكروا في الأمر ويعقلوه، بل كانوا يقلدون الآخرين في ذلك تقليدا أعمى: وأكثرهم لا يعقلون.
الآية الثانية تشير إلى منطقهم ودليلهم على قيامهم بهذه الأعمال: وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا.
في الواقع، كان كفرهم وعبادتهم الأصنام ينبع من نوع آخر من الوثنية، هو التسليم الأعمى للعادات الخرافية التي كان عليها أسلافهم، معتبرين ممارسات أجدادهم لها دليلا قاطعا على صحتها، ويرد القرآن بصراحة على ذلك بقوله:
أو لو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون.
أي لو كان أجدادكم الذين يستندون إليهم في العقيدة والعمل من العلماء والمهتدين لكان اتباعكم لهم اتباع جاهل لعالم، لكنكم تعلمون أنهم، لا يعلمون أكثر منكم ولعلهم أكثر تخلفا منكم، ومن هنا فإن تقليدكم إياهم تقليد جاهل