الله معرفة صحيحة لا يمكن أن ينكر إرساله الهداة والمرشدين ومعهم الكتب السماوية إلى البشر، لأن حكمة الله توجب:
أولا: أن يعين الإنسان في مسيرته المليئة بالمنعطفات لبلوغ هدفه التكاملي الذي خلق من أجله وإلا انتقض الهدف من الخلقة، وهذا الهدف لا يمكن تحقيقه بغير الوحي والكتب السماوية والتعاليم السليمة من كل خطأ وسهو.
ثانيا: كيف يمكن لربوبية الله ذات الرحمة العامة والخاصة أن تترك الإنسان وحيدا في طريق سعادته الملئ بمختلف الموانع والعقبات والمتاهات، فلا يرسل إليه قائدا ومرشدا يحمل التعاليم الشاملة للأخذ بيده وتوجيهه، وعليه فإن حكمته ورحمته توجبان إرسال الرسل وإنزال الكتب السماوية.
لا شك أن معرفة حقيقة الذات الإلهية المقدسة وكنه صفاته غير ممكنة، وهذه الآية لا تقصد هذا الحد من معرفة الله، وإنما تريد أن تقول: لو حصل الإنسان على المقدار الميسور من معرفة الله فلا يبقي شك بأن مثل هذا الرب لا يمكن أن يترك عباده بدون هاد ودليل وكتاب سماوي.
* * *