والحقيقة.
كما أنه يجب أيضا أن نلفت نظر القارئ إلى أن المراد من القاء الله الذي ورد في الآيات القرآنية ليس هو اللقاء الحسي والرؤية البصرية، بل المراد هو نوع من الشهود الباطني، واللقاء الروحاني، الذي يتحقق في يوم القيامة على أثر التكامل الإنساني الحاصل للأشخاص، أو المقصود منه هو: مشاهدة الثواب والعقاب في العالم الآخر.
الآية اللاحقة تشير إلى نزول القرآن وتعليماته القيمة، وبذلك أكملت البحث المطروح في الآية السابقة، يقول تعالى: وهذا كتاب أنزلناه مبارك فهذا الكتاب الذي أنزلناه كتاب عظيم الفائدة، عظيم البركة، وهو المنبع لكل أنواع الخير والبركة.
ولما كان الأمر كذلك وجب اتباعه بصورة كاملة، ووجب التزود بالتقوى، والتجنب عن مخالفته، لتشملكم رحمة الله ولطفه فاتبعوه واتقوا الله لعلكم ترحمون.
وفي الآية الثالثة أبطل سبحانه جميع المعاذير والتحججات وسد جميع طرق التملص والفرار في وجه المشركين، فقال لهم أولا: لقد أنزلنا هذا الكتاب مع هذه المميزات لكي لا تقولوا: لقد نزلت الكتب السماوية على الطائفتين السابقتين (اليهود والنصارى) وكنا عن دراستها غافلين، وليس تمردنا على أوامر الله لكونها موجودة عند غيرنا من الأمم، ولم يبلغنا منها شئ: أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا، وإن كنا عن دراستهم لغافلين (1).
ثم إنه سبحانه ينقل عنهم - في الآية اللاحقة - نفس ذلك التحجج ولكن بصورة أوسع، ومقرونا هذه المرة بنوع أشد من الغرور والصلف وهو: أن القرآن الكريم لو لم ينزل عليهم لكان من الممكن أن يدعوا أنهم كانوا أكثر استعدادا من