ويراد من هذا الكلام في الحقيقة أنهم ينتظرون أمورا مستحيلة، لا أن مجئ الله سبحانه وتعالى أو رؤيته أمور ممكنة.
وهذا النوع من البيان والكلام أشبه ما يكون بمن يقول لشخص مجرم معاند، بعد أن يريه ما لديه من وثائق كافية دامغة وهو مع كل هذا ينكر جنايته: إذا كنت لا تقبل بكل هذه الوثائق، فلعلك تنتظر أن يعود المقتول إلى الحياة، ويحضر في المحكمة ليشهد عليك بأنك الذي قتلته؟
ثم يقول: أو أنكم تنتظرون أن تتحقق بعض الآيات الإلهية والعلامات الخاصة بيوم القيامة ونهاية العالم يوم تنسد كل أبواب التوبة: أو يأتي بعض آيات ربك؟
وعلى هذا الأساس فإن عبارة آيات ربك وإن جاءت بصورة كلية وعلى نحو الإجمال، ولكنها يمكن أن تكون بقرينة العبارات اللاحقة التي سيأتي تفسيرها، بمعنى علامات القيامة، مثل الزلازل المخيفة، وفقدان الشمس والقمر والكواكب لأنوارها وأضوائها، وما أشبه ذلك.
أو يكون المراد من ذلك المطاليب غير المعقولة التي يطلبونها من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن جملتها أنهم لا يؤمنون به إلا أن تمطر عليهم السماء حجارة، أو تمتلئ صحاري الحجاز القفراء اليابسة بالينابيع والنخيل!!
ثم يضيف عقيب ذلك قائلا: يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا فأبواب التوبة حينذاك مغلقة في وجوه الذين لم يؤمنوا إلى تلك الساعة، لأن التوبة ساعتئذ تكون ذات صبغة اضطرارية إجبارية، وفاقدة لمعطيات الإيمان الاختياري وقيمة التوبة النصوح.
هذا، ويتضح مما قيل أن عبارة أو كسبت في إيمانها خيرا تعني أن الإيمان وحده لا ينفع في ذلك اليوم، بل حتى أولئك الذين آمنوا من قبل، ولكنهم