ثم إن الجاري عند المؤرخين أن يحفظوا النسب من جهة الأب، ولكن ما الذي يمنع من أن ينتسب " يونس " من جهة أمه إلى إبراهيم، كما هي الحال بالنسبة إلى عيسى الذين نقرأ اسمه في الآيات؟
أما " لوط " فهو، وإن لم يكن من أبناء إبراهيم، فقد كان من أسرته، فالعرب تطلق لفظة " لأب " على " العم "، وكذلك تعتبر ابن الأخ أو ابن الأخت من " ذرية " المرء. وعلى هذا ليس لنا أن نتغاضى من ظاهر هذه الآيات فنعيد الضمير إلى نوح، وهو ليس موضوع القول هنا.
في الآية الثانية يرد ذكر زكريا ويحيى وعيسى والياس على أنهم جميعا كانوا من الصالحين، أي أن مكانتهم المرموقة ليست من باب المجاملة الإجبارية، بل هي بسبب أعمالهم الصالحة في سبيل الله: وزكريا ويحيى وعيسى والياس كل من الصالحين.
الآية الثالثة تذكر أربعة آخرين من الأنبياء والقادة الإلهيين، وهم إسماعيل واليسع ويونس ولوط الذين رفعهم ربهم درجات على أهل زمانهم: وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين.
لم يتفق المفسرون بشأن اسم " اليسع " فقد قال بعض: إنه اسم عبري أصله " يوشع " ثم أضيفت إليه الألف وللأم وأبدلت الشين سينا، وبعض يرى أنه اسم عربي من الفعل المضارع " يسع " وعلى كل حال هو اسم أحد الأنبياء من نسل إبراهيم.
وفي الآية الأخيرة إشارة عامة إلى آباء الأنبياء المذكورين وأبنائهم وإخوانهم ممن لم ترد أسماؤهم بالتفصيل وهم جميعا من الصالحين الذين هداهم الله: ومن أبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم.