(الإنجيل) والعهد القديم (التوراة والكتب الملحقة بها) نجد أن كل هذه الكتب تفتقر إلى المسحة السماوية، أي أنها ليست خطابا موجها من الله إلى البشر، بل إنها مقولات وردت على ألسنة تلامذة موسى والمسيح (عليهما السلام) وأتباعهما على شكل سرد لحوادث تاريخية وسير، والظاهر أن اليهود والمسيحيين اليوم لا ينكرون ذلك، إذ أن حكاية موت موسى وعيسى وحوادث كثيرة أخرى وقعت بعدهما وردت في هذه الكتب، لا باعتبارها تنبؤات عن المستقبل، بل سردا لحوادث ماضية، فهل يمكن لكتب مثل هذه أن تكون قد نزلت على موسى وعيسى؟!
كل ما في الأمر أن المسيحيين واليهود يعتقدون أن هذه الكتب قد كتبت بأيدي أناس عندهم أخبار عن الوحي، فاعتبروها كتبا مقدسة خالية من الخطأ ويمكن الاعتماد عليها.
بناء على هذا يتضح لنا لماذا كان هؤلاء ينتابهم العجب لدى سماعهم أسلوب القرآن بشكل خطاب من الله إلى النبي وإلى عباد الله؟ وكما قرأنا في سبب نزول هذه الآية فإنهم قد انتابهم العجب فسألوا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إن كان الله قد أنزل عليه - حقا - كتاب، ثم أنكروا هذا الأمر كليا ونفوا أن يكون أي كتاب قد نزل على أحد، حتى على موسى.
غير أن الله يرد عليهم قائلا: إنكم - أنفسكم - تعتقدون أن ألواحا ومواضيع قد نزلت على موسى، أي إن الكتاب الذي بين أيديكم وان لم يكن كتابا سماويا إلا أنكم تؤمنون - على الأقل - بأن شيئا مثل هذا قد نزل من قبل الله، وأنتم تظهرون قسما منه وتخفون كثيرا منه: وعلى ذلك فلا يبقى مجال للشك في إمكان إنكار اليهود نزول كتاب سماوي.
أما إذا كانت الآية كسائر آيات هذه السورة تخص المشركين، فيكون المعنى أنهم أنكروا نزول أي كتاب سماوي لانكار ونفي دعوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولكن الله يبين