من عادة العرب أن يذبحوا القرابين لأصنامهم، ويأكلوا من لحومها للتبرك بها، وكان هذا جزءا من عبادتهم الأصنام، لذلك يبدأ القرآن بالقول: فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين.
أي أن الإيمان ليس مجرد قول وادعاء وعقيدة ونظرية، بل لابد أن يظهر على صعيد العمل أيضا، فالذي يؤمن بالله يأكل من هذه اللحوم فقط.
بديهي أن الفعل " كلوا " لا يعني الوجوب، بل يعني إباحة أكلها وحرمة أكل ما عداها.
ومن هذا يتبين أن حرمة الذبائح التي لم يذكر اسم الله عليها، ليست من وجهة النظر الصحية حتى يقال: ما الفائدة الصحية من ذكر اسم الله على الذبيحة بل لها خلفية أخلاقية ومعنوية وتستهدف تثبيت قواعد التوحيد وعبودية الله الواحد الأحد.
الآية التالية تورد هذا الموضوع نفسه بعبارة مغايرة مع مزيد من الاستدلال، فتقول: لم لا تأكلون من اللحوم التي ذكر اسم الله عليها، في الوقت الذي بين الله لكم ما حرم عليكم؟ وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم.
مرة أخرى نشير إلى أن التوبيخ والتوكيد ليسا من أجل ترك أكل اللحم الحلال، بل الهدف هو أن هذه هي التي ينبغي أن تأكلوا منها، لا من غيرها، وبعبارة أخرى: التوكيد يكون هنا على النقطة المقابلة لمفهوم العبارة، من هنا استدل على ذلك بالقول: قد فصل لكم ما حرم عليكم.
أما موضع هذا التفصيل فقد يتصور البعض أنه في سورة المائدة، أو في آيات من هذه السورة (الأنعام، 145).
ولما كانت هذه السورة قد نزلت في مكة، وسورة المائدة نزلت بالمدينة، والآيات التالية من هذه السورة لم تكن قد نزلت بعد فإن أيا من هذين