فأنزل الله الآية.
بعض مفسري أهل السنة، مثل صاحب تفسير (المنار) يورد حديثا أشبه بذاك، ثم يقول: إن عمر بن الخطاب كان حاضرا واقترح على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقبل عرض هؤلاء الملأ من قريش، ليتبين مدى صدق قولهم؟ فنزلت الآيتان في رفض اقتراحه.
ينبغي ألا يغرب عن البال أن ذكر سبب نزول بعض آيات هذه السورة لا يتنافى مع نزول السورة كلها في مكان واحد، فقد سبق أن قلنا إن من الممكن أن تقع حوادث مختلفة في أوقات مختلفة قبل نزول السورة، ثم تنزل السورة بشأن تلك الحوادث.
يلزم هنا أن نذكر أنه جاء في رواية أن الملأ من قريش - حينما رفض رسول الله عرضهم - اقترحوا عليه شيئا آخر، وقالوا له: لو نحيت هؤلاء حتى نخلو بك... فإذا انصرفنا، فإذا شئت أعدتهم إلى مجلسك، فأجابهم النبي إلى ذلك، فقالوا له: اكتب لنا بهذا على نفسك كتابا، فدعا بصحيفة وأحضر عليا ليكتب، فنزل جبرائيل بالآية تنهى عن ذلك.
غير أن هذه الرواية، على الرغم من كونها لا تنسجم مع روح تعاليم الإسلام التي رفضت دوما المساومة في مثل هذه الحالات، وأكدت باستمرار على وحدة المجتمع الإسلامي، فإنها لا تنسجم مع الآية السابقة: إن أتبع إلا ما يوحى إلي فكيف يمكن لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبول الاقتراح دون انتظار للوحي.
ثم إن عبارة ولا تطرد في بداية الآية تدل على أنهم قد طلبوا طرد أولئك، لا التناوب معهم، والبون شاسع بين طلب الطرد وطلب التناوب، وهذا يدل على أن سبب نزول الآية هو ما أوردناه أولا.
* * *