3 2 - هل أن أعمال الآخرين الصالحة تنفعنا؟
إن التوهم الآخر الذي يمكن أن يخالج الأذهان حول هذه الآية هو: أن الآية تقول: إن عمل كل إنسان لا ينفع إلا نفسه، وعلى هذا فإن الأعمال الصالحة التي تهدى إلى الأموات، بل وحتى الأحياء أحيانا، لا يمكن أن تنفعهم، في حين نقرأ في روايات كثيرة مروية عن طريق الشيعة والسنة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) أن مثل هذه الأعمال قد تنفع الآخرين، وإن هذا ينطبق على الجميع، فلا ينحصر بعمل الولد لوالديه، بل يشمل كل من يعمل عملا ويهدي ثوابه للآخرين.
هنا مضافا إلى أننا نعلم أن الثواب يرتبط بتأثير العمل الصالح المأتي به على روح الإنسان ودوره في تكامل الإنسان ورقيه، ولكن الذي لم يعمل عملا صالحا قط، بل ولم يكن له أية دخالة في مقدماته كذلك، فكيف يمكن أن ينشأ منه أثر روحي ومعنوي؟؟
ولقد واصل البعض طرح هذا الإشكال بصورة مسهبة، ولم يكن الأفراد العاديون وحدهم هم الذين طرحوه، بل تأثر به بعض المفسرين والكتاب، مثل كاتب " المنار " إلى درجة أنهم تناسوا كثيرا من الأحاديث والروايات المسلمة، ولكن مع الالتفات إلى نقطتين يتضح الجواب على هذا الإشكال.
1 - صحيح أن عمل كل إنسان سبب لتكامله بالخصوص، وأن نتائج الأعمال الصالحة وآثارها الواقعية عائدة إلى القائم بالعمل الصالح، تماما كما تكون " الرياضة "، و " التعليم والتربية " من كل أحد سببا لتقوية جسم فاعلها وروحه ونفسه، وتكاملهما.
ولكن عندما يعمل أحد عملا صالحا لشخص آخر، فإنه إنما يفعله حتما لأجل أن ذلك الشخص يمتلك امتيازا على غيره وصفة حسنة، أو لأنه كان مربيا