ينطبق على الأعمال التي أخفاها المشركون عن الناس (تأمل بدقة).
2 - قد يقال أن التمني ليس من الأمور يصح فيها أن تكون صادقة أو كاذبة، فهي مثل " الإنشاء " الذي لا يحتمل الصدق والكذب، إلا أن هذا القول بعيد عن الصواب، وذلك لأن " الإنشاء " كثيرا ما يصاحبه " الإخبار " مما يحتمل الصدق والكذب، فقد يقول قائل أتمنى أن يعطيني الله مالا وفيرا فأعينك، هذا من باب التمني بالطبع، ولكن مفهومه هو أنه إذا أعطاني الله مالا وفيرا فاني سوف أساعدك، وهذا مفهوم خبري يحتمل أن يكون صادقا أو كاذبا، فإذا كنت تعرف بخل المتمني وضيق نظرته فأنت تعرف أنه كاذب حتى إن أعطاه الله ما يشاء من المال (هذا الموضوع مشهور كثيرا في الجمل الإنشائية).
3 - إن سبب ذكر الآية أنهم لو عادوا إلى الدنيا لعادوا إلى تكرار أعمالهم السابقة هو أن كثيرا من الناس عندما يشاهدون نتائج أعمالهم بأعينهم، أي حينما يصلون إلى مرحلة الشهود، يستنكرون ما فعلوا ويندمون آنيا ويتمنون لو يتاح لهم أن يجبروا ما كسروا، إلا أن هذه تمنيات عارضة تنشأ من مشاهدة نتائج الأعمال عيانا، وتعرض لكل إنسان يشهد بأم عينه ما ينتظره من عذاب وعقاب، ولكن ما أن تغيب تلك المشاهد عن نظره حتى يزول تأثيرها عنه، ويعود إلى سابق عهده.
شأنهم في ذلك شأن عبدة الأصنام الذين دهمهم طوفان عظيم في البحر ورأوا أنفسهم على عتبة الهلاك، فنسوا كل شئ سوى الله، ولكن ما أن هدأت العاصفة ووصلوا إلى ساحل الأمان حتى عاد كل شئ إلى ما كان عليه (1).
4 - ينبغي الالتفات إلى أن هذه الحالات تخص جمعا من عبدة الأصنام الذين مرت الإشارة إليهم في الآيات السابقة لا كلهم، لذلك كان لابد لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يواصل نصح الآخرين لإيقاظهم وهدايتهم.
* * *