ثم يقول القرآن الكريم وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم.
" الأوزار " جمع " وزر " وهو الحمل الثقيل، وتعني الأوزار هنا الذنوب، ويمكن أن تتخذ هذه الآية دليلا على تجسد الأعمال، لأنها تقول إنهم يحملون ذنوبهم على ظهورهم، ويمكن أيضا أن يكون الاستعمال مجازيا كناية عن ثقل حمل المسؤولية، إذ أن المسؤوليات تشبه دائما بالحمل الثقيل.
وفي آخر الآية يقول الله تعالى: ألا ساء ما يزرون.
في هذه الآية جرى الكلام على خسران الذين ينكرون المعاد، والدليل على هذا الخسران واضح، فالإيمان بالمعاد، فضلا عن كونه يعد الإنسان لحياة سعيدة خالدة، ويحثه على تحصيل الكمالات العلمية والعملية، فان له تأثيرا عميقا على وقاية الإنسان من التلوث بالذنوب والآثام، وهذا ما سوف نتناوله - إن شاء الله - عند بحث الإيمان بالمعاد وأثره البناء في الفرد والمجتمع.
* * * ثم لبيان نسبة الحياة الدنيا إلى الحياة الآخرة، يقول الله تعالى: وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو فهؤلاء الذين اكتفوا بهذه الحياة، ولا يطلبون غيرها، هم أشبه بالأطفال الذين يودون أن لو يقضوا العمر كله في اللعب واللهو غافلين عن كل شئ.
إن تشبيه الحياة الدنيا باللهو واللعب يستند إلى كون اللهو واللعب من الممارسات الفارغة السطحية التي لا ترتبط بأصل الحياة الحقيقية، سواء فاز اللاعب أم خسر، إذ كل شئ يعود إلى حالته الطبيعية بعد اللعب.
وكثيرا ما نلاحظ أن الأطفال يتحلقون ويشرعون باللعب، فهذا يكون " أميرا " وذاك يكون " وزيرا " وآخر " لصا " ورابع يكون " قافلة "، ثم لا تمضي ساعة حتى ينتهي اللعب ولا يكون هناك " أمير " ولا " وزير " ولا " لص " ولا