" قافلة "! أو كما يحدث في المسرحيات أو التمثيليات، فنشاهد مناظر للحرب أو الحب أو العداء تتجسد على المسرح، ثم بعد ساعة يتبدد كل شئ.
والدنيا أشبه بالتمثيلية التي يقوم فيها الناس بتمثيل أدوار الممثلين، وقد تجتذب هذه التمثيلية الصبيانية حتى عقلاءنا ومفكرينا، ولكن سرعان ما تسدل الستارة وينتهي التمثيل.
" لعب " على وزن " لزج " من " اللعاب " على وزن " غبار " وهو الماء الذي يتجمع في الفم ويسيل منه، فإطلاق لفظة " اللعب " على اللهو والتسلية جاء للتشابه بينه وبين اللعاب الذي يسيل دون هدف.
ثم تقارن الآية حياة العالم الآخر بهذه الدنيا، فتقول: وللدار الآخرة خير للذي يتقون أفلا تعقلون.
فتلك حياة خالدة لا تفنى في عالم أوسع وعلى أرفع، عالم يتعامل مع الحقيقة لا المجاز ومع الواقع لا الخيال، عالم لا يشوب نعمه الألم والعذاب، عالم كله نعمة خالصة لا ألم فيه ولا عذاب.
ولكن إدراك هذه الحقائق وتمييزها عن مغريات الدنيا الخداعة غير ممكن لغير المفكرين الذين يعقلون، لذلك اتجهت الآية إليهم بالخطاب في النهاية.
في حديث رواه هشام بن الحكم عن الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: " يا هشام إن الله وعظ أهل العقل ورغبهم في الآخرة فقال: وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذي يتقون أفلا تعقلون (1) غني عن القول أن هدف هذه الآيات هو محاربة الانشداد بمظاهر عالم المادة ونسيان الغاية النهائية، أما الذين جعلوا الدنيا وسيلة للسعادة فهم يبحثون - في الحقيقة - عن الآخرة، لا الدنيا.
* * *