والحواجز، فلا هم يسمعون حقيقة من الحقائق، ولا هم يدركون الأمور إدراكا صحيحا.
سبق أن قلنا مرارا أن نسبة هذه الأمور إلى الله، إنما هو إشارة إلى قانون " العلة والمعلول " وخاصية " العمل "، أي أن أثر الاستمرار في الانحراف والإصرار على المعاندة والتشاؤم يظهر في اتصاف نفس الإنسان بهذه المؤثرات، وفي تحولها إلى مثل المرآة المعوجة التي تعكس صور الأشياء معوجة منحرفة، لقد أثبتت التجربة أن المنحرفين والمذنبين يحسون أول الأمر بعدم الرضا عن حالهم، ولكنهم يعتادون ذلك بالتدريج، وقد يصل بهم الأمر إلى اعتبار أعمالهم القبيحة لازمة وضرورية، وبتعبير آخر: هذا واحد من أنواع العقاب الذي يناله المصرون على العصيان ومعاداة الحق.
وهؤلاء وصلوا حدا تصفه الآية فتقول: وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها، بل الأكثر من ذلك أنهم عندما يأتون إليك، لا يفتحون نوافذ قلوبهم أمام ما تقول، ولا يأتون - على الأقل - بهيئة الباحث عن الحق الذي يسعى للعثور على الحقيقة والتفكير فيها، بل يأتون بروح وفكر سلبيين، ولا هدف لهم سوى الجدل والاعتراض: حتى إذا جاؤوك يجادلونك أنهم عند سماعهم كلامك الذي يستقى من ينابيع الوحي ويجري على لسانك الناطق بالحق، يبادرون إلى اتهامك بأن ما تقوله إنما هو خرافات اصطنعها أناس غابرون: يقول الذين كفروا إن هذا أساطير الأولين.
الآية التالية تذكر أن هؤلاء لا يكتفون بهذا، فهم مع ضلالهم يسعون جاهدين للحيلولة دون سلوك الباحثين عن الحقيقة هذا الطريق بما يشيعونه ويروجونه من مختلف الأكاذيب، ويمنعونهم أن يقتربوا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): وهم ينهون عنه، ويبتعدون عنه بأنفسهم: وينأون عنه (1)، دون أن يدركوا أن من يصارع