النزول:
قيل: إن هذه الآية نزلت لما حولت القبلة، وكثر الخوض في نسخ تلك الفريضة، صار كأنه لا يراعى بطاعة الله إلا التوجه للصلاة، فأنزل الله تعالى الآية، وبين فيها أن البر ما ذكره فيها، ودل على أن الصلاة إنما يحتاج إليها لما فيها من المصلحة الدينية، وإنه إنما يأمر بها، لما في علمه أنها تدعوا إلى الصلاح، وتصرف عن الفساد، وإن ذلك يختلف بحسب الأزمان، والأوقات.
المعنى:
وقوله: " ليس البر " قيل فيه قولان: أحدهما - ذكره ابن عباس، ومجاهد:
أنه " ليس البر " كله في التوجه إلى الصلاة بل حتى يضاف إلى ذلك غيره من الطاعات التي أمر الله تعالى بها. والثاني - قاله قتادة، والربيع واختاره الجبائي:
انه " ليس البر " ما عليه النصارى من التوجه إلى المشرق، أو ما عليه اليهود من التوجه إلى المغرب " ولكن البر " ما ذكره الله تعالى في الآية، وبينه. وقوله:
" ولكن البر من آمن " قيل فيه ثلاثة أقوال:
أولها - " ولكن البر " بر " من آمن بالله " فحذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه، واختاره المبرد، لقوله " ليس البر أن تولوا " وقال النابغة:
وقد خفت حتى ما تزيد مخافتي * على وعل في ذي المطارة عاقل (1) يعني مخافة وعل. وقالت الخنساء:
ترتع ما غفلت حتى إذا ادكرت * فإنما هي إقبال وإدبار (2) معناه إنما هي مقبلة تارة، ومدبرة أخرى، فبالغ، فجعلها إقبالا وإدبارا،