" كونوا ربانيين ". وحذف يقول لدلالة الكلام عليه. ومعناه في قول الحسن:
علماء فقهاء. وقالوا سعيد بن جبير: حكماء أتقياء. وقال ابن أبي رزين: حكماء علماء. وقال الزجاج: معناه معلمي الناس. وقال غيره: مدبري أمر الناس في الولاية بالاصلاح.
اللغة:
وفي أصل رباني قولان:
أحدهما - الربان وهو الذي يرب أمر الناس بتدبيره له وإصلاحه إياه، يقال رب أمره يربه ربابة، وهو ربان: إذا دبره، وأصلحه، ونظيره نعس ينعس، فهو نعسان. وأكثر ما يجئ فعلان من فعل يفعل، نحو عطش يعطش، فهو عطشان فيكون العالم ربانيا، لأنه بالعلم يدبر الامر ويصلحه الثاني - إنه مضاف إلى علم الرب تعالى، وهو على الدين الذي أمر به إلا أنه غير في الإضافة، ليدل على هذا المعنى، كما قيل: بحراني، وكما قيل للعظيم الرقبة: رقباني، وللعظيم اللحية: لحياني.
وكما قيل لصاحب القصب: قصباني، فكذلك صاحب علم الدين الذي أمر به الرب رباني.
الحجة، والمعنى:
ومن قرأ بالتخفيف أراد بما كنتم تعلمونه أنتم. ومن قرأ بالتشديد أراد تعلمونه، لسواكم. وقوله: " وبما كنتم تدرسون " يقوي قراءة من قرأبا بالتخفيف.
والتشديد أكثر فائدة، لأنه يفيد أنهم علماء، وأنهم يعلمون غيرهم. والتخفيف لا يفيد أكثر من كونهم عالمين. وإنما دخلت الباء في قوله: " بما كنتم تعلمون " لاحد ثلاثة أشياء:
أحدها - كونوا معلمي الناس بعلمكم، كما تقول: انفعوهم بما لكم.
الثاني - كونوا ممن يستحق أن يطلق عليه صفة عالم بعلمه على جهة المدح له