وفي قلوبهم الكفر، فأطلعه الله على أسرارهم وما في ضمائرهم.
اللغة، والمعنى:
وقوله " كيف " أصلها للاستفهام، والمراد بها ههنا إنكار أن تقع هذه الهداية من الله تعالى. وإنما دخل (كيف) معنى الانكار مع أن أصلها الاستفهام، لان المسؤول يسأل عن أغراض مختلفة، فقد يسأل للتعجيز عن إقامة البرهان، وقد يسأل للتوبيخ مما يظهر من معنى الجواب في السؤال، وقد يسأل لما يظهر فيه من الانكار، فالأصل فيه الاستفهام، لكن من شأن العالم إذا أورد مثل هذا أن يصرف إلى غير الاستعلام إلا أنه يراد من المسؤول طلب الجواب، فان قيل كيف خص هؤلاء المذكورون بمجيئ البينات مع أنها قد جاءت كل مكلف للايمان قيل عنه جوابان:
أحدهما - لان البينات التي جاءتهم هي ما في كتبهم من البشارة بالنبي صلى الله عليه وآله.
الثاني - للتبعيد من حال الهداية والتفحيش لتجويزها في هذه الفرقة. وقوله:
" والله لا يهدي القوم الظالمين " فالهداية ههنا تحتمل ثلاثة أشياء.
أولها سلوك طريق أهل الحق المهتدين بهم في المدح لهم والثناء عليهم.
الثاني - في اللفظ الذي يصلح به من حسنت نيته. وكان الحق معتمده، وهو أن يحكم لهم بالهداية.
الثالث - في ايجاب الجواب الذي يستحقه من خلصت طاعته، ولم يحبطهما بسوء عمله. فان قيل كيف أطلق قوله: " والله لا يهدي القوم الظالمين " مع قوله " فأما ثمود فهديناهم " قلنا: لأنه لا يستحق اطلاق الصفة بالهداية إلا على جهة المدحة كقوله أولئك الذين هدى الله. فأما بالتقييد، فيجوز لكل مدلول إلى طريق الحق اليقين.
وليس في الآية ما يدل على صحة الاحباط، للايمان ولا إحباط المستحق عليه من الثواب، لأنه لم يجر لذلك ذكر. وقوله: (كفروا بعد ايمانهم) يعني بعد